Tuesday, December 26, 2006

مع "نوار" مرة أخرى و نص " هجـــــــــــرة حلــــــــــم "

هل تستطيع الالوان ان تشكل لغة معبرة أعمق و أبعد من من لغة الانطباعات ؟ ..وما هو خط التماس بين الوعي و اللاوعي ؟..بين الحلم والحقيقة ؟..وماذا تصير الحقيقة و التعقل و الجنون في ظل ثورة تجعل كل المفاهيم محل تساؤل ؟..هذا النص يبتدئ بثورة حقيقية بعثرت كل ما كان مرتبا من اشياء ومفاهيم لها طابع البديهيات .النص لم يبدا بحدث . بل بتحديد مفاهيم و رسم مسافات تتقاطع عند موقع تحس به دون ان تدرك ماهيته ليلتقي عنده الوعي باللاوعي . فالحلم حالة لاوعي . ووجع البطن حالة وعي . ومن ثم يلوح اللون الرمادي كتعبير ناتج عن الحالتين .اللون الرمادي يصير رمزا ما انفكت دلالاته تتوسع ليصير تجسيدا لأشياء شتى . فهو علامة لكل تطور مر بكل المراحل و انتهى في النهاية الى الافول ، بما في ذلك الحقائق التي تودع في ارشيف الزمن بعد ان نتجاوزها .هذا الوعي او هذا الصفو و الوضوح في الرؤية يتحول بمنطق ومنظور الاخر الى مجرد هذيان . الا انه لا يخص الشخصية الرئيسية في النص ، بل سبقها الى ذلك "محسن" . و الجدة هنا حتى وان كانت شخصية حقيقية فهي تصير رمزا لثقافة وعنوانا لحمولة لها تعاريفها التي ليست سوى تعاريف متجاوزة أو تنتمي لثقافة العامة . ومن هنا فهي تخشى تطور هذا الوعي الشقي الذي يتنامى في تفكير الحفيدة . بالمقابل يتحول محسن من مجرد شخص الى حالة او رمز للتوحد بالذات من خلال ممارسته خارج المألوف . يمارس وجوده في ما وراء الخطوط التي يصنفها الاخر في منطقة اللامنطق . وبذلك يصير الاشكال اوالعقدة هي حيرة الشخصية الرئيسية ان تختار موقعا لها حيث منطق الاخر او حيث منطق محسن .الحيرة لا تطول . فالانجذاب الى الصدق لم يكن يعني سوى الانجذاب الى عالم محسن . اي ممارسة الهذيان بتعريف الاخر . و النظر الى العالم بمنظور محسن الذي يراه من غير مساحيق . وعلى ضوء هذا المنظور يعاد اكتشلف الاشياء . اكتشاف يفيد ان الانسان لا يدرك انه يصنع تاريخه حين يكون بصدد ذلك . و لأن هذا الادراك لم يحصل الا في الاخير فقد راحت شخصية القصة تعيد بعث الاشياء الراقدة في الذاكرة وتقف على المفارقات وتضارب الافكار الذي وجدته هي نفسها محيرة . اذ كيف يرفض الانسان ان يكون صورة أخرى لشخص يعزه و يحبه ، ليرد سؤال ضمني عن العوامل التي تحدد دوافع الانجذاب و النفور في النفوس مما يجري حولنا .يتواصل الهذيان ، وتتواصل معه اعادة الاكتشاف وفتح النوافذ مع تواصل الصفو ..اشياء كثيرة تجعلنا في النهاية نتساءل ما ان كنا فعلا امام حلم .الوقوف عند بعض المفاتيح هي التي تفرض هذا التساؤل . فكلمات مثل : أرى - سأتابع - أسأل ...ألسنا امام استدعاء لأشياء قصد فحصها ؟..وما الذي كان يخيف الجدة من هذه الاحلام لتأمر بطمس معالمها ؟.. هل كان الحلم شيئا آخر غير ما يمكن ان يغضب الاخر ؟..وهل نفهم من عنوان النص أن تلك الاحلام قد شقت طريق المستحيل و ان الثورة هدأت في النهاية بعد ان توقف الهذيان ؟...
عبد الله البقالي

No comments: