Sunday, October 12, 2008

حوار بمنتدى شظايا

RANA

تحية طيبة وبعد ..
لا أريد أن ابدأ حديثي معك هنا بهذه الجملة المعهودة ترددت كثيراً قبل أن أكتب لك هذه السطور !




بعد تصفحي الطويل زمناً بعالم المنتديات الأدبية و لأقلام كتاب النت بشكل خاص ومنهم ال أريد أن اسألك عدة اسئلة وأظن بأنك أحد القلائل القادرين بمنتدى الفكر والأدبـ وضع خطين تحت فكر ـ بالإجابة على ربع هذا التساؤلات لا كلها لأني لا أتعشم برد رادع ساطع يسد الآفاق والأفواه و يفحم العقول لتساؤلاتي ،
فإن راق لكم وتكرمتم بالموافقة على إجابة مطلبي هذا فإني سأكون لكم من الشاكرين !

أنا انتظر ردكم الكريم ولك أطيب أمنياتي بـ Bonne Fete لكم .



على فكرة فكرت أن أبعث بتساؤلاتي على بريدك الخاص لكني خفت من تكاسلك في الرد لذلك قررت حشرك على مرأى الملأ !
عبدالله ،
أتذكرك دوماً في أحد ردودك علي في بداياتي في ال وأعجبني ردك كثيراً ! حين قلت لي بأنك تمتعض مما أكتب .. شعرت بالسعادة لأن لي حرف مازوخي يفرض على لذة الألم معه!
ومن هنا شعرت بأنك الأقرب للشفافية في الطرح والتعقيب .. يقول محمد شكري من حق الطفيليات أن تنمو في حقل الأدب ، لكن لنا أيضاً الحق في أن نجتثها
فبرأيك الشخصي من يستطيع الحكم على العمل الروائي بضروبه المختلفة و تعدد سُبل نشره في العصر الحديث على ما هو طُفيلي وما هو ليس بالطفيلي ؟ .. ومن يقصد هنا شكري بـ لنا ؟ القاريء أم الناقد أم الكاتب أم جيل و زمن بأكمله؟ وهل ما ينطبق في عالم الكتاب وطباعة الورق من عمل روائي ينطبق هنا في عالم المنتديات الإفتراضي وطباعة النص على شاشة حاسوب ؟ وكيف لعمل روائي أن يعيش على صفحات الويب؟ .. وهل شكري برأيك الشخصي محق بنظرته هذه أم للطفيلي الحق أن ينمو حتي يغدو شجرة سرو ؟

انتظر ردك عبدالله لأكمل اسئلتي ..

ملحوظة : أرجو أن تعرف لي هنا من هو الطفيلي في أعمال المنتديات الأدبية !

جواب


لمست في تساؤلاتك الكثير من المشاكسة وخفة الروح والقدرة على وضع الكمائن . وكل ذلك يجعلني سعيدا اذ ان الحوار سيكون حتما مسليا و اتمنى ان يكون مفيدا .


فكرت أن أبعث بتساؤلاتي على بريدك الخاص لكني خفت من تكاسلك في الرد لذلك قررت حشرك على مرأى الملأ !


في هذا اقول لك قد اصبت . فانا اقر اني فعلا كسول . والكسول كماهو ليس معروفاهو الذييمتلكطاقات و لا يشغلها ، وليس ذلك الذي يحصل على نقط متدنية في الامتحانات .





أتذكرك دوماً في أحد ردودك علي في بداياتي في ال وأعجبني ردك كثيراً ! حين قلت لي بأنك تمتعض مما أكتب .. شعرت بالسعادة لأن لي حرف مازوخي يفرض على لذة الألم معه!


في هذا فأنت تعودين بي الى اجمل أيامي في ال .بل في تاريخ رحلتي عبر النت بأسره . لا زلت اذكر تلك البداية . وقد كانت هناك اسماء لامعة لم اجد لها بعد ذلك اي اثر في اي منتدى . و استسمحك لأذكر الرائعة جوري وحنان السيف ورانيامامون وشادن البيداء وغادة و نوار و المستشار والمهاجرة و اعتذر عن ذكر بقية الكوكبة .
في ذلك المناخ كان هناك سعي الى ان تكون التعليقات اكثر مصداقية واكثر صراحة . و لا زلت اتذكر التوبيخ الشديد الذي تلقيته من غاية و المستشار و شادن اليداء بسبب احدى تعليقاتي رغم اني كنت هو المشرف وكان الاخرون مجرد اعضاء . وقد اخذني أولئك لكوني اعطيت لأاحد النصوص اكثرمما كان يستحق .

إن كنت قد اعلنت امتعاضي مماكتبت فلكوني ربما ارتأيت ان قلمك كان يمكن ان يوظف بشكل أخر لخدمة قضية ابعد من تلك التي كان يدافع عنها . وهنا سنتقاطع مع موضوع له علاقة بموضوع شكري .



يقول محمد شكري من حق الطفيليات أن تنمو في حقل الأدب ، لكن لنا أيضاً الحق في أن نجتثها فبرأيك الشخصي من يستطيع الحكم على العمل الروائي بضروبه المختلفة و تعدد سُبل نشره في العصر الحديث على ما هو طُفيلي وما هو ليس بالطفيلي ؟ .. ومن يقصد هنا شكري بـ لنا ؟ القاريء أم الناقد أم الكاتب أم جيل و زمن بأكمله؟


كثيرة هي الأفكار التي انتقلت من مجال الى مجال آخر و أثرت عليه و امتجزت به حتى استحال ان تعيدها الى أصلها . ومن التأثيرات التي حفل بها الحقل الادبي ، ما وفد من عالم السياسة .
لم يعرف عن شكري انه رجل سياسة بمعناه المباشر . و للاستملاح اذكر انه كان يوما ما في مدينة العرائش ضيفا لدى احدى الجمعيات الثقافية . و هناك سألته احدى الطالبات قائلة : لماذا لا يكتب محمد شكري عن الطبقة العاملة ؟ فكان رده بلكنة شمالية مغلقة : واش الدين دياماهم انا عندي معاهم الكنطرادو ؟
أي لله ابوهم .هل بيني وبينهم عقدة بهذا المعنى ؟
أن عدت الى الموضوع فسأجدك تتساءلين الان ما علاقة هذا بالسؤال ؟
سأقول كجواب أنه في الستينيات و السبعيينيات من القرن الماضي طبعا ، كانت هناك هيمنة لليسار على الفكر ولا زال هذا التأثيرمرئيا الى اليوم . و اليسار كان يفعل ذلك لإيمانه ان الأنسانية تتجه بتاريخها نحو الحتمية التاريخية . والايمان بهذه الحتمية هو الذي استمدوا منه مشروعية المشروعية التي امتلوكها لأنفسهم و اخذوا يوزعونها او يسحبونها من هذا وذاك . الا ان هذا التوجه في السياسة انعكس ايضا على الادب باعتبار ان هذاالاخير هو احد روافدها
من هنا قال ما قاله شكريو اخرون غيرشكري . وكرأي أقول ما قاله بوجميع الشخص الذي أسسمجموعة ناس الغيوان حين استفسر عن تاكثر الفرق الموسيقية التي تحاكي ناس الغيوان فقال : نحن مثل اناس يبعون بضائعهم في الاسواق لاحق لنا في طرد منافسينا ، لكن الجودة و القدرة على الاستمرار هي التي ستحسم هذه المسألة .
لهذا فالمسألة سيحسمها القارئ كما قلت و الزمن و قدرة وطاقة من يشتغل بالكتابة .




rقلت فيما سبق أن اليسار في مرحلة ما كان هو المرادف للفكر . وهو كان يستحوذ على مشروعية تحديد ما هية الأشياء وهويتها . مستندا في ذلك على نهاية التاريخ الأولى ، و المتمثلة في مسار البشرية المتجه الى مجتمع العدالة المطلقة مع انهيار الرأسمالية . لذلك صار كل من يعمل في إنجاز المشروع يعتبر منتميا للحقيقة . وكل من يناوئه معرقلا للانجاز التاريخي . و بالتالي تتوجب مناهضته وإخراسه .
هذا التصلب كان له صداه في المجال الأدبي ، خصوصا و أن هذا المجال أنيطت له مهمة التأطير والتهيئة . و لاتزال اصداء الجدالات الكثيرو التي خيضت هنا وهناك مسموعةالى اليوم . و ختى غن كانت البشرية قد اختارت وجهة اخرى ، فلا يزال اصداء هذا التصلب شاخصا للعيان . و الذي استبدا هو الانتماء للمشروغ بالنتماء للحقيقة بالرغم من ان لا احد يصرح بذلك . و أذا كان محمد شكري قد قصد شيئا أخر غير اختمالات الإجابات التي اوردتها في السؤال ، فإنه سيكون بذلك نعبرا عن ما قلته آنفا .
من وجهة نظري فكل إنسان له نفس القدر من المشروعية لكي يعبر عن تطلعاته و افكاره التي للاطراف الاخرى .و لا احد على الإطلاق يمتلك صلاحية وضع تصنيف يكون بمثابة ميثاق على الناس ان تجتمع حوله . فلكل ذائقته الفنية . وكل واحد له اساليبه الخاصة التي تجعله قادرا على التمييز بين ما ينتج .

من هم الطفيليون ؟


المتفق عليه بخصوص تعريف الطفيلي هو أنه ذلك الذي يحشر أنفه فيما لا يعنيه . و اعتقد ان القصد من سؤالك هو ذلك الذي غير مؤهل للكتابة او الخوض في النقاشات و كان الاجدر به ان يظل بصددها مجرد مستمع .
كإجابة سأقول أن الحكم الذي سيصدر بخصوص هذه المسألة ، سوف لن يرتكز سوى على مجرد نوايا .
صحيح ان هناك كتابات كثيرة خالية من اي عمق فكري او اي مضمون . وان من كتبوها لم يقصدوا سوى الى ممارسة الحضور . وهناك من يحدد مسبقا قبل طرح السجالات و خوضها ان لا ينتازل عن اية فكرة حتى ولو بدت له غير صائبة . مادام انه يعتبر الجدالات معارك فيها المنتصر و المنهزم . الأنه من خلال جدالاته لا يهدف سوى الى استعراض مهاراته الفكرية و عضلاته التقنية . و أنا اجد هذا النوع هو الأخطر . لأنه من جهة متواجد في كل مناحي حياتنا . وهو يمارس تطفله بشراسة دفعت الكثير من الناس الصادقين الى إفراع الساحة و الإنزواء بعيدا . و الكف عن ممارسة اي تأثير . و أقول صدقا أن هذا الصنف من البشر قد مارس من التدمير ما لم يمارسه لا الاحتلال و لا السلطات و لا غيرهما . وهؤلاء هم الطفيليون في مجال الفكر .

وهل ما ينطبق في عالم الكتاب وطباعة الورق من عمل روائي ينطبق هنا في عالم المنتديات الإفتراضي وطباعة النص على شاشة حاسوب ؟ وكيف لعمل روائي أن يعيش على صفحات الويب؟ .. وهل شكري برأيك الشخصي محق بنظرته هذه أم للطفيلي الحق أن ينمو حتي يغدو شجرة سرو ؟




بخصوص المقارنة بين المطبوع و الكتوب على صفحات الويب سأجيبك في علاقة بتجربتي الشخصية .

أجد في المطبوع نوعا من التميز . ربما يرجع ذلك الى نوع النشأة التي نشأتها و علاقتي بالكتاب منذ القدم . فلا شئ أصعب على كاتب ما أن يجد نفسه معزولا عن وسطه او منقطع الصلة به . و إن كان تميز الكاتب في العمق يعود لكونه غير منصهر في شبكة علاقات محيطه . إلا ان النت نفسه لا يخلو من أهمية . فهو يجعل المسافة مضحكة وهذا يمنح متنفسا ليس في مستطاع الكتاب المطبوع أن يوفره . و إن كان للنت من سلبية لحد الآن ، فهو بلا شك عدم تعاطي النخبة معه . او التعامل معه بوجوه مختفية خلف اقنعة . كما أنه لا يضمن الحقوق المادية للمؤلفين . هذا الى جوانب عوامل اخرى كثيرة كتناسل المنتديات ، وتشتت القراء بين عدد لا يحصى من المنتديات . وتكدس النصوص وغيرها من العوامل ...





الأخت رانا


أتمنى أن اكون قد أجبت على تسارلاتك ولو في حدود معينة . وانتظر البقية


RANA

تحية طيبة عبدالله ..

قرأت ردك وأخافني بقدر ما أسعدني لأنك اقتطعت من وقتك وألزمت أصابعك بالطباعة للرد عليّ ..
وأحب قبل إكمال حديثي واسألتي أن أسبق الكلام بمقولة للإمام علي رضي الله عنه يقول بها : ما حاججت جاهلاً إلا وغلبني وماحاججتُ عاقلاً إلا وغلبته فإن رأيت بما سأطرحه هنا تطفل و سفسطائية فاغفر لأني جاهلة تتفوق على أهل العلم والعقل برغبتها بالمعرفة!

وفي ردك هنا :

المتفق عليه بخصوص تعريف الطفيلي هو أنه ذلك الذي يحشر أنفه فيما لا يعنيه . و اعتقد ان القصد من سؤالك هو ذلك الذي غير مؤهل للكتابة او الخوض في النقاشات و كان الاجدر به ان يظل بصددها مجرد مستمع .
كإجابة سأقول أن الحكم الذي سيصدر بخصوص هذه المسألة ، سوف لن يرتكز سوى على مجرد نوايا .
صحيح ان هناك كتابات كثيرة خالية من اي عمق فكري او اي مضمون . وان من كتبوها لم يقصدوا سوى الى ممارسة الحضور . وهناك من يحدد مسبقا قبل طرح السجالات و خوضها ان لا ينتازل عن اية فكرة حتى ولو بدت له غير صائبة . مادام انه يعتبر الجدالات معارك فيها المنتصر و المنهزم . الأنه من خلال جدالاته لا يهدف سوى الى استعراض مهاراته الفكرية و عضلاته التقنية . و أنا اجد هذا النوع هو الأخطر . لأنه من جهة متواجد في كل مناحي حياتنا . وهو يمارس تطفله بشراسة دفعت الكثير من الناس الصادقين الى إفراع الساحة و الإنزواء بعيدا . و الكف عن ممارسة اي تأثير . و أقول صدقا أن هذا الصنف من البشر قد مارس من التدمير ما لم يمارسه لا الاحتلال و لا السلطات و لا غيرهما . وهؤلاء هم الطفيليون في مجال الفكر .
نظريات و أجوبة استفزت عقلي لكي يعمل! وسأعود لاحقاً لأخبرك كيف حرضت السؤال على شفتي بطرحك الذي لا أخفي عليك بأنه أخافني ، بأن أكون واحدة من هؤلاء المتطفلون!!

لك أصدق الاحترام واعطر التحايا وترقب


سؤال عبد الرحيم فرغلي
حوار شيق .. أتابعه منذ أن كان هنا ..
وطالما يا أخت رنا .. قد أهبت بأسئلتك أن تكون
هنا أمام الملأ .. فمن حقنا القراءة .. وألف شكر أن
وضعته هنا .. لكي نستفيد من هذا النقاش القيم ..
أغتنم الفرصة لأشكر أستاذنا عبدالله البقالي
على تفضله بالإجابة .. من حقنا أن نستفيد من علمه أيضا ..
كما أقول له عظم الله أجرك في أخيك .. وجعله في جنات النعيم
تحية لكما وألف تقدير
RANA
قبلاً ..

إلى عبدالرحيم فرغلي ،
الدخول هنا ليس بالمجان!.. أتيت وعليك أن تدلي بدلوك بيننا فلديك الكثير ما تقوله ، فهيا خذ نفس عميق و شاركنا في النقاش وسأكون لك من الشاكرين ..
ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

بقالي عُدنا لك أيها الصديق اللدود على قلبي ...
وقد أجريت بحثاً على مواضيعي حتى وصلت لردك الذي كان في تاريخ 20/8/2002
وأضعه لك هنا لتعلم مدى فخري به

رانا
لا اعرف ما الذي يستوقفني فيما تكتبين ...
هل هو تلك الشعلة التي تستمد توقدها من مزيج من الثورة و التمرد ؟
هل هي تلك الرغبة الجامحة في تحريك المسكوت عنه ؟
أم هي تلك الجراة التي يصل مداها حد وضع الاقدام داخل الفضاءات المحضورة ؟
رانا
اقر ان ردود فعلي اتجاه ما تكتبين ليست هي نفسها في كل الاوقات . احيانا امتعض . واخرى اتفاعل لكن مهما كان الامر فتلك علامة حياة لما تكتبين . فشكرا لك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

أنا أقر وأفخر بأني صاحبة قلم صعلوكي متعثر، يكبو كثيراً لكنه يعود ليقف من جديد ، عندما سجلت بال كنت اخبيء نية مبيتة بالشر لعضو سرق لي نص وقدمه مشوهاً في ال باسمه!
بعد ذلك حين أغلق أكبر منتديان ليبراليان كنت أعود لل لأتنفس ! .. نفخت الكثير من روح الثورة و التمرد وكان جزائي حذف بعض مشاركاتي لأني تطاولات على مقدسات الغير!
وكان السيد خلف السلطاني سياسي محنك وصاحب كرم وحلم، وجه لي العديد من رسالات التنبية و تحمل نزقي و جنوني وأنا هنا من منبر الزرقاء أشكره .
................

في حديثك عن شكري ورده على سؤال أحد الطالبات أنا اتفق معه فيما قاله ، لم يسخر قلمه للطبقة الكادحة حاليا ما دام لم يجد ما يقوله عنهم وإن كان هو خرج من تلك الطبقة الفقيرة المعدمة ! .. شكري أراد أن يقول أن الكتابة لا تأتي إلا بصدق الإحساس بما يُكتب! فإن لم يكتب شكري عن الطبقة العاملة كما تريد تلك السائلة الآن فهو قد يكتب عنها لاحقاً حين يجد ما يريد قوله .. ولا أنسى أنا شكري رأي ما ارتأيته أنت ، ففي كتابه غواية الشحرور الأبيض تحدث عن تسييس الأدب بما أن حياة الناس كلها أصبحت مسيّسة بما فيها رغيف خبزهم!
الفن مسيّس التلفاز مسيّس الجرائد مسيّسة حتى لُعب الأطفال وصلت لها السياسة.
ولكن لم اندلع هذا التسيّس في الستينات والسبعينات؟ .. قد يكون تمرد الشعوب والمجتمعات و انقراض الاستعمار العسكري كقوة تفرض على المُستعمر الرضوخ هي ما جعلت القوة المسيطرة تبحث عن بديل للبنادق و الصواريخ .. وهذا ما يأخذه العالم على أمريكا فقد بيّدت منذ ردح سياسة الاستعمار العسكري فتعرت السياسة الأمريكية أمام الشعوب كقوة تفرض نفسها بالحذاء العسكري!

إن الثقافة و الأدب هو نقطة الضعف و القوة في نفس الوقت لدي أي أمة وشعب ، ولهذا هيمنت عليها السياسة فسُيّس الأدب!

نأتي الآن لقولك :

لكن الجودة و القدرة على الاستمرار هي التي ستحسم هذه المسألة .
لهذا فالمسألة سيحسمها القارئ كما قلت و الزمن و قدرة وطاقة من يشتغل بالكتابة
ألا ترى معي بأن الجودة والقدرة على الاستمرار في مضمار الكتابة شيئين منفصلان عن بعضهما:rolleyes: ؟
الجودة تفرضها ديمومة و سرمدية العمل الأدبي أو بعبارة أصح البراعة الأدبية فأكثر مبيعات في السنوات الأخيرة حققتها رواية دون كيخوتة لكاتبها ميغيل دوسيرفانتس سافيدرا.بالرغم أن طبعتها الأولى كانت عام 1605؟؟! ومن مهزلة القدر أن كاتبها كتبها وهو خلف قضبان السجن! وبالرغم من أن زمن دون كيخوتة وأبي زيد الهلالي و شخصية البطل الأوحد والزعيم المطلق لم يعد له وجود في زمن الشعوب الآن
إلا أن هذا الإبداع الروائي فرض نفسه بما عرفته أنت بـالجودة
أما القدرة على الاستمرارية فهي أمر آخر فلو مازال ميغل دوسرفانتس حياً وأنتج أعمال أدبية أخرى فأنا متيقنة بأنها لن تكون بجودة روايته هذه وإن أبدع فلن يبدع في جميع انتاجاته! ولا نستطيع أن نتخيل بأنه قادر على مجاراة عصره وقد ينتحر كما فعل الكثير من عمالقة الأدب لأنهم شعروا بعدم مقدرتهم على الاستمرارية ومجارت العصر أو لأنهم ظنوا بأن هذا الزمن ليس زمن أفكارهم!
من هنا استطيع برأي ـ المتواضع ـ أن أقسم الكتاب بخيط مطاطي و وهمي بنفس الوقت يمكنهم من المراوحة بين كاتب مبدع وكاتب له القدرة على الاستمرارية بالإنتاج الأدبي ..
هناك عاملان مهمان للحكم على عمل أدبي وهما أقوى سلطة وأكثر تأثير في الحكم عامل الزمن و نظرة القاريء وأفكاره كما تفضلت أنت في ردك والمعضلة الصعبة أن العصر هو جزء وهمي من الزمن الجاري بلا توقف وهو يشكل أفكارنا ويصقل تجاربنا أي أنا كل من عامل الزمن والقاريء الآني أو التالي لا ينفصلان عن بعضهما!

عبدُالله سأعود لاحقاً لأناقشكـبعد أذنك ـ بردودك التالية وحتى أعود تقبل شكري وامتناني على ماقدمته لي فأفدتني بحق .

رنا
جواب
رانا
أما بخصوص المشاكسة فهذا مشهود لك به . و الدليل هذا الحوار .فلأول مرة أرى على صفحات النت عضوا يستدعي عضوا اخر لإجراء حوار . وهذا يحسب لإدارة من خلال ثقتها في اعضائها .

تعقيب بسيط على بعض النقط التي أوردتيها فيما سبق .
أنا لست من الداعين الى فصل الأدب عن السياسة . فهذا غير ممكن عمليا من جهة .فالسياسة هي مجال ضيق من مجالات الحياة . بينما الأدب هو أكبر شساعة . و أستحضر هنا مقالا في الشظايا لعدنان كنفاني الذي كان قد عنونه بتساؤله : متى يخرج الثقافي من عباءة السياسي ؟
المطالبة بفصل الأدب عن السياسة هو في حد ذاته سياسة . وهو مطلب تمليه الرغبة في أن يظل الناس في مستوى متدن من الوعي .بالرغم من أن الفيلسوف الألماني نيتشه يؤكد على ان الرفع من مستوى وعي الكادحين لا يزيدهم سوى تعاسة .

أوردت سؤالا عن الدوافع التي كانت وراء اندلاع التسيس في الستينيات . و أرى كجواب أن ذلك كان حصيلة عمل طويل و تحولا لتراكم عبرعقود من الزمن امتد من عهد محمد عبده والطيب الأفغاني مرورا بالعشرات من دعاة اللإصلاح في مختلف المجالات الى اجتياح العالم من قبل حركات التحرر الوطني . من جهة . ومن جهة ثانية أن المرحلة التي سبقتها عرفت انسحاب قوات المستعمر التي عوضتها حكومات وطنية شكلها المقاومون . وهذا التحول جعل المواقف التي كانت متوحدة ايام الكفاح المسلح تتباين بين زعماءالاستقلال الذي قبل بعضعهم تحمل المسؤولية .بين اختار البعض الاخر ان ينتقل الى المعارضة ومواصلة الكفاح من خلال النضال السياسي او الكفاح المسلح . وهذاهو ما جعل الساحة السياسية ملتهبة . هذا اضافة الى المناخ العام الذي ساد انذاك من حروب الغزو الثقافي و الحرب الباردة وغيرهمامن اشكال اخرى للحروب .

ماذا بخصوص بخصوص الجودة ؟

لأعد الى محمد شكري نفسه . و أوضح ان مسألة شهرته لم يأت من رقي النموذج الأدبي الذي صاغه . فلا يمكن بأي حال أن نضعه الى جانب جبران خليل جبران كمثال حين يتعلق الأمر باللغة و الصور الفنية و التعبير الراقي . وقيمة شكري تتلخص في جرأته في الإفصاح عن كل ما عاشه كل مارأه أو مت اليه بصلة . وحاول الى حد بعيدأن يكون محايدا فيما يتصل بحياته .رغم ان المنطق يؤكد ان لا سبيل للموضوعية في اي بحث او انتاج ما لم يتم فصل الذات عن الموضوع .أي أن الانسان لن يكون موضوعيا اذاكان هو نفسه في نفس الوقت باحثا وموضوعا للبحث .
تخيلي معي أن شكري يعيش قي بيئة مفتوحة . وان الناس فيها بإمكانهم ان يقولوا ما شاءوا دون ان يتعرضوا لعقاب او مساءلة . و ان ليست هناك لا قونين عرفية و لامكتوبة يتابع الناس على اثرها . في محيط كهذا هل كان الامر سيكون في حاجة الى شكري ؟
شهرة شكري تبرز وتوضح أن المجتمع محكوم بتقاليد قد افرخت داخل الانسان نفسه حتى انه صار يمارس على نفسه مراقبة ذاتية . وهذا ما يفسر تكتمه و انجذابه الى الانطواء و التستر و التظاهر بعكس مايبطن .وهي تشهدعلى نفاق الانسان مع نفسه اولا .

ماذاعن المثال الثاني ؟

أولا انااتحفظ من التصنيف الذي يختصر الروائع الأدبية في التاريخ الانساني في الالياذة و الكوميديا الالهية و دون كيخوته و فاوست
مرد تحفظي ليس التعصبا . بل هو موضوعي جدا ومستند الى حجج كثيرة .فأين الف ليلة و ليلة و أين حي بن يقضان
اعتراضي له ما يبرره .فأنا لا اعرف عملا الهم مخيلة الكتاب و الشعراء و الرسامين و المسرحيين و السينيمائيين و المفكرين شرقا وغربا مثلما فعله بهم الف ليلة و ليلة

لأاتوقف عند دون كيخوته و لأذكر ان الذي هدف اليه ثربانتسهو التهكم من قصص و انتاجات ادبية كانت سائدة يومها . وكانت قدانتشرت في اسبانيا . وكان القصد بذلك التاليف هوالغاء التأثير الذي خلفته تلك المؤلفات لدى عامة الناس. وكان ذلك ا عتراضا فنيا بالاساس تضمن استنكارا لذوق فني كان يراه متجاوزا . الا انه رغم ذلك فهذا المؤلف يجعلنا نقف امام شئ مهم جدا .مثلما هو الحال في الف ليلة و ليلة . اي هناك مشكلة ظرفية مرتبط بزمان تستوجب حلا . فالمشكلة الداعية الى تأليف الف ليلة و ليلة هي ان هناك مقصلة على بعد مسافة زمانية .و شخصية العمل قد فعلت ما بوسعها لأبعاد شبح المقصلة او الغاؤها نهائيا . لكن في الحكايتين معا كان المنشود هو تجاوزظرف .الا ان الذي حصل عو ان الحكي ارتقى ليعانقالصيرورة في انسكابها الطويل نحو المجهول . وهكذا فالاستمرار لم يأت نتيجة قرار او ان هذه الاعمال وصلتنا مرفوقة بجنود وحراس . بل كانت الجودة هي التي املت استمرارها
هكذا استطيع القول ان عنصر الجودة عند محمد شكري صنعه انغلاق مجتمع . وميله الى التكتم .بينماعنصر الجودة فيالعملين الثانيين كان متمثلا في قدرة الكاتب على الارتقاء بماهو ظرفي ليعانق الابدي الخالد. وكل ذلك من خلال ابراز العناصر الكامنة في عمق الانسان و القادرة على تحقيق ذلك .
ولابدفي ختام هذا التوضيح من الاشارة الى عنصر تققيم الجودة .وهنا يحضركل شئ الا الجودة . فعلى سبيل المثال لو كانت الف ليلة و ليلة منتوجا غربيا ، لكان له شأنا اخر . ولو ان الاستفتاء الذي تم قبل سنوات قليلة لاختيار احسن منتوج ادبي في تاريخ الانسانية تم مثلا في الستينيات لكان قد تماختيار رواية الاملمكسيم غوركي بدلا عن دون كيخوته. وكل ذلكلأننا نعيش زمن الغرب .ة لأنه مركزالقوة في عالمنا ،فهو مصر ان لا يصدرلنا فقط معداته ومنتوجاته الصناعية فقط . بل هو يصر على تفوق شامل . ومن ثم كان لا بدله ان يسوق لنا ثقافته ومعييرالتقييم ايضا

RANA
تحية طيبة عبدالله ..
وما زال حديثنا مستمر وقل لمن تفضل وأفصح عن رغبته بالإجابة على تساؤلاتي بأني انتظره بلهفة ، فليعجل بالقدوم ..
.....................
في ردك هنا :
من هم الطفيليون ؟
المتفق عليه بخصوص تعريف الطفيلي هو أنه ذلك الذي يحشر أنفه فيما لا يعنيه . و اعتقد ان القصد من سؤالك هو ذلك الذي غير مؤهل للكتابة او الخوض في النقاشات و كان الاجدر به ان يظل بصددها مجرد مستمع .
كإجابة سأقول أن الحكم الذي سيصدر بخصوص هذه المسألة ، سوف لن يرتكز سوى على مجرد نوايا .
صحيح ان هناك كتابات كثيرة خالية من اي عمق فكري او اي مضمون . وان من كتبوها لم يقصدوا سوى الى ممارسة الحضور . وهناك من يحدد مسبقا قبل طرح السجالات و خوضها ان لا ينتازل عن اية فكرة حتى ولو بدت له غير صائبة . مادام انه يعتبر الجدالات معارك فيها المنتصر و المنهزم . الأنه من خلال جدالاته لا يهدف سوى الى استعراض مهاراته الفكرية و عضلاته التقنية . و أنا اجد هذا النوع هو الأخطر . لأنه من جهة متواجد في كل مناحي حياتنا . وهو يمارس تطفله بشراسة دفعت الكثير من الناس الصادقين الى إفراع الساحة و الإنزواء بعيدا . و الكف عن ممارسة اي تأثير . و أقول صدقا أن هذا الصنف من البشر قد مارس من التدمير ما لم يمارسه لا الاحتلال و لا السلطات و لا غيرهما . وهؤلاء هم الطفيليون في مجال الفكر .

أنا أتفق معك فيما ذكرته عن هؤلاء الطفيليون ، وقد أغلقت العديد من منتديات الفكر الحر بسبب هذا النوع من الطفيليين الذين لا يريدون سوى جذب الانتباه إليهم أو فقط لتفريغ حنقهم على مجتمعاتهم بصراخ لا جدوى منه حتى أن هناك من اسمى تلك المنتديات بزبالة النت !
وعلى سبيل المثال أذكر تجربة منتديات إيلاف التي قدمت في بادياتها أقلام أدبية وفكرية قوية يُشهد لها ولا زالت تلك التجربة تعيش في ذاكرة العديد من منا .. لكن مع الوقت غلب الرديء بكثرته قليل الجيد وكثر اللغط والامتعاض فأغلق المنتدى .. ولمن عرج أيضاً على منتدى الفكر العربي يلحظ مدى البوند الشاسع بين ما كان عليه وما أصبح عليه الآن!
إن التقنية الحديثة أخطر بكثير من الكتاب ! .. لأن التواصل بالحوار بين الكاتب والقاريء سريع وفي عالم المنتديات النتية يصبح القاريء كاتب لأن لديه حق ابداء الرأي ، وأنا لا أعيب هذه التقنية بل أشجعها لأني شخصيا استفدت منها كثيراً وعملت على تطوير نفسي و توسيع دائرة فكري .
لكن الطفيلي لا ينمو هكذا من عبث ما دام لا يملك التربة والمناخ المهيء له ، قلب معي في جرائد و مجلات اليوم تصفح صفحات الأدب فيها .. والله هناك أقلام مفروضة علي الورق بالإكراه لأن أصحابها يملكون واسطة في الجريدة أو المجلة فتحت لهم الأبواب ليتعبوا القاريء بأقلامهم السخيفة!
زوايا وصفحات مكررة تكتب بشكل غامض سفيه لا روح ولا فكر به ومع الوقت يصبح الطفيلي كاتب بالرغم عن أنف القاريء ! وهذا النوع متواجد أيضا في المنتديات الأدبية .. يا بقالي أحياناً أتصفح كتابات هنا أو في منتديات أخرى لا أفهم منها شيء!!
لا فكرة ولا مضمون ولا حبكة! سوى صف جمل مبهمة يأخذها الكاتب سواء مبتديء أو كويتب ليقنعنا بأنها عمل أدبي أو نص أدبي ينتظر عليه كلمات شكر و تصفيق واعجاب ..
إن المنتديات الأدبية بفكر بعض اعضائها تكون شلة شعارها رد علي وأرد عليك .. هناك من لا يحبون التجديد أو توسيع مداركهم و يصرون فقط بالدخول لمعرفات اعتادوا عليها بحكم الأقدمية أو رد علي وأرد عليك
اقرأ دائما هذا النوع من الكتابات وأنا بارعة بتقليدها وكأني على خشبة مسرح!
تجتاحني اللهفة وأنا ظمأ يرتشف هذيانه واسقط في عمق ذاكرتي لأطرق بابك الموارب واشرب من وجيب قلبي الملتاع لأموت بك وأصحو من جديد لأحيا ذكراك على صليب اليسوع ولأتعذب من بؤرة ضوء أسود تستلقي على قمة رأسي
فما رأيك أنت بما قرأت؟ .. أليس هذا حال معظم الكتابات؟ كلام مبهم وجمل مرصوصة لا نخرج منها بفائدة!.. أين مراحل التطور في الأقلام التي نقرأ ؟! .. كثيراً ما يعجبني نص لكاتب في أي منتدى ثم اقرأ له نص آخر فاتساءل بحنق أهذا هو؟ وما به يكتب بحالة سكر ؟ أم عساه يكتب بأصابع قدمه اليسرى؟!
إن الطفيلي بلغتي التي أفهمها بعصر التقنية سواء بصفحات كتاب ـ حيث أصبح طباعة ونشر كتاب أسهل من شربة ماءـ أو صفحات الويب هو من يبقى يراوح مكانه ويسقط في السفسطائية و الغموض المثير للغثيان!
ولن نجتثه إلا بنقد هادف فإما يهزه ليستيقظ ويتدارك قلمه وإما يهد عليه معبده ويريحنا منه ! .. أنا كقارئة لي عين ناقدة أيضاً وإن لم تصقل بالدراسة والممارسة ، وأريد أن أعيش مولد وطفولة وشباب قلم جديد ..
وهذا الأمر ينطبق علي أيضا قبل الآخرين فلا خيمة تظلل قلماً دون سواه ، جميعنا تحت عين ومجهر النقد
فأين نحن من حياتنا اليومية ؟ أين نحن من خلق لغة جديدة وأين اليد التي تلعب وتشكل الكلمات بحرفنة؟
أين همومنا و عذاباتنا وشجاعتنا بالطرح كـ شكري و د.صادق العظم ومستغانمي وغيرهم ؟
أين من يتجرأ لتعبيد طريق جديد و التفرد بقلم مميز عن الأقلام الأخرى ؟
يا بقالي نحن من يشجع الطفيليين لينموا في صفحاتنا ما دمنا نخاف على كتاباتنا من الموت و التهميش من محاربة الغير لها لأنها نقدت وقالت لا ! هذا النص لا يعجبني وهو لا يحمل أي فكر أو إبداع أدبي .

أرجو أن أكون قد وضحت رؤيتي هنا و اعذرني لو اطنبت أو تفلسفت فما كتبت رأي شخصي يخصني ولا أخجل منه ما دام هدفي البحث عن الأفضل ما دمت مريضة بالبحث عن الكمال والجمال .
واتركك الآن لنعود من جديد سويا أنا وأنت وصديقنا المنتظر ليشاركنا في الحديث .

رانا
محمد غبد الغني
لروحيكما وعذوبة هذا المتصفح الخارَّة من أقلامكم

المدججة بالفكر السديد والكلم البنَّاء .



لكم مني جزيل شكري
فراس باوي

بداية ... أشكر لكم المتعة و الفائدة التي قراتها هنا ... و أتمنى أن أجد مكان لهذه المداخلة البسيطة ..

..

الطفيلي لا يرى نفسه طفيلياً مهما بلغت مستويات تطفله الأدبي لأعلى المستويات .. الطفيلي يرى في وجوده حتمية لا يزعزعها سوى تقزم ما يقدم أما عملقة الوسط الأدبي الذي وُجد فيه ..

أقول : أن من انتصب على قمة الجبل ... يرى كل من يبدأ رحلته بقاع الوادي صغير ... والعكس أيضاً صحيح ... ولكن الفرق أن من بقاع الوادي هو من يحاول التسلط دوماً للحصول على رؤية أشد وضوحاً ...

ولكن من يلام على هذا التفاوت ... أ تــُلام القمة .. أم يــُلام القاع ... هذه هي المعضلة ... !!

أقول أيضاً ... أن ما أشارت إليه رنا في ردها الأخير صحيح تماماً ... و أركز على جملة وردت في ذلك الرد .. (( مع الوقت غلب الرديء بكثرته قليل الجيد )) ... كثرة الرديء ما كانت لتكون كثرة لولا قلة الجيد ... إذا هو تقصير من أصحاب الجيد ... وليس تطفلاً من أصحاب الرديء ... فالفراغ الذي بــُــسِــط أمامهم هو استفز رداءة أقلامهم ... لو كان الفراغ مستهلكا من قبل أقلام من صـُـنـفوا بــ (( الجيد )) لما تطاول هؤلاء المتطفلين ... واكتفوا بكراسي القراء و المتابعة ...

أقول أيضاً ... أن التميز في العطاء له مقاييس تختلف من قارئ لآخر .. فقد يكون أشد المتميزين بنظري مجرد قلم عادي بنظر قارئ آخر .. وقلم ردئ بنظرة أخري ... هذا التفاوت في التذوق هو ما يخلق مجالاً أشد رحابة للتميز .. فلو كان منظور التميز واحد لاقتصر التميز على فئة قليلة و هي تلك التي اقتصرت معطيات التميز في اقلامهم ...

..


هذا ما عندي لللآن ...

و أتمنى أن لا تكون هذه المداخلة ... نوع آخر من التطفل برأيكم ... !!


جواب
شكرا فراس باوي ثانية لانضمامك الى هذا الحوار . ولاثارتك نقطة مهمة و المتمثلة في تساؤلك عمن يتحمل مسؤولية خلق الطفيلي . و أرى كوجهة نظر أن تسليط الضوء على المرحلة السابقة للنقطة التي انطلقت منها كفيلة بحمل عدة اجابات عن تلك التساؤلات .

ما هو معروف ان اي نبتة تحتاج الى مناخ مناسب يساعدها على النمو ثم النضج . وبغير هذا فهي لا تستطيع ان تستمر . فما المناخ الذي ينمو فيه الطفيلبي ؟
في المجال الفلاحي فالمسؤول عن نمو الطفيليات هو التقصير في العمل وعدم التنقية و المتابعة بالعناية . وهذا يشبه تمام ما يحدث في مجال افكر . لنبدا بالمدرسة .

في البرامج الدراسية القديمة او الجديدة ، هناك مغالطة كبيرة لا يتهم اليها الا القليل من الناس . ففي قصة الصرار و النملة مثلا يصور للاطفال أن النملة هي رمز للجد . و أن الصرار بكمانه هو رمز للعبث و مضيعة الوقت وهدر الطاقان فيما لا طائل منه . وفي مرحلة البحث عن مغزى للحكاية ن اي الارتقاء من المحسوس الى المجرد تأتي المغالطة التي يستنكرها المنطق . وهي ان الجد هو نقيض الفن . ويترتب عن هذا الترسب أن جل الاباء تقريبا ينهرون ابناءهم عندما يعودون الى بيوتهم ويجدونهم يرسمون او يعزفون على الة موسيقية . وليس الخطير أن الساحة الفنية تخلو نتيجهة هذا من فنانين حقيقين مزودين بالدراية الى جانب الموهبة ن بل إن الاخطر هو انحطاط مستوى الذوق الفني لدى عامة الناس . مما يجعل المجال الفني مفتوحا في وجه كل من هب ودب . و اكثر من ذلك يصير هذا الانحطاط حجة وذريعة لكي لا يرتقى بالمنتوج الفني متحصنين بالعبارة المشهورة الجمهور عايز كده

في ميدان الادب أستحضر الان حكاية هي اشبه بنكتة . ومفادها ان احد الأمراء كان مولعا بقرض الشعر ، الا انه كان يفتقد الى الموهبة . ذات مرة أقام مأدبة و استدعى لها احد الشعراء المشهورين . فأكرم وفاده . وحين انتهوا من العشاء طلب من الشاعر ان يستمع الى نظمه و ان يدلي برأيه فيه . فكان ان وجه الشاعر نقدا لاذعا للقصيدة . فغصب الامير و امر بحبسه شهرا كاملا في إلأسطبل . و حين انهى العقوبة حدث ما حدث في المرة الأولى . و لما أنهى الامير إنشاده ، قام الشاعر . فسأله الامير مستغربا : الى اين ؟ فكان جواب الشاعر : الى الإسطبل .


ربما بهذا الشكل النادر نستطيع ان نضيق الخناق على الطفيلي .

الاخ فراس .

سأنتظر ما سيقوله الأستاذ أشرف الخريبي في هذه النقطة وفي غيرها من النقط التي دارت في هذا الحوار . وشكرا
RANA
قبلاً إلى محمد عبدالغني ..
قدس الله سر يديك ، ولك الشكر لتواجدك معنا .
.........
فراس الباوي من قرأك لا يستهين بك ! ..وأنا فعلت وأريد بشدة أن تبقى هنا لتنير ما نسينان من زوايا معتمة!
................

إليك يا بفاسمع الصوت الذي هتف بالذاكرة وأنا أحدق برد الباوي وردك عليه عن الطفيلي ، هو صوت البياتي الشاعر الذي أعشق الثورة في حروفه القانية :

شعرورٌ متشاعر
يطلق في الفجر النار على شاعر
و نويقدٍ مأجور للبوليس السري ،
رخيص في ذيل غراب يشرب نخب شويعر!
في ملكوت الفاشية تحت سماء خريف عاقر!
وحق لي أن أقف لألقي السلام على روح البياتي هنا ففي الظلمة يفقتقد البدر !
..........

بقالي في حديثك هنا نقاط وأفكار أعملت لها فكري :

ماذا بخصوص بخصوص الجودة ؟

لأعد الى محمد شكري نفسه . و أوضح ان مسألة شهرته لم يأت من رقي النموذج الأدبي الذي صاغه . فلا يمكن بأي حال أن نضعه الى جانب جبران خليل جبران كمثال حين يتعلق الأمر باللغة و الصور الفنية و التعبير الراقي . وقيمة شكري تتلخص في جرأته في الإفصاح عن كل ما عاشه كل مارأه أو مت اليه بصلة . وحاول الى حد بعيدأن يكون محايدا فيما يتصل بحياته .رغم ان المنطق يؤكد ان لا سبيل للموضوعية في اي بحث او انتاج ما لم يتم فصل الذات عن الموضوع .أي أن الانسان لن يكون موضوعيا اذاكان هو نفسه في نفس الوقت باحثا وموضوعا للبحث .
تخيلي معي أن شكري يعيش قي بيئة مفتوحة . وان الناس فيها بإمكانهم ان يقولوا ما شاءوا دون ان يتعرضوا لعقاب او مساءلة . و ان ليست هناك لا قونين عرفية و لامكتوبة يتابع الناس على اثرها . في محيط كهذا هل كان الامر سيكون في حاجة الى شكري ؟
شهرة شكري تبرز وتوضح أن المجتمع محكوم بتقاليد قد افرخت داخل الانسان نفسه حتى انه صار يمارس على نفسه مراقبة ذاتية . وهذا ما يفسر تكتمه و انجذابه الى الانطواء و التستر و التظاهر بعكس مايبطن .وهي تشهدعلى نفاق الانسان مع نفسه اولا .

يا بقالي نحن عرفنا الطفيلي فلما لا نعطي المبدع حقه هنا ونتحدث عنه بحدود لا تشطح بعيداً عن صلب نقاشنا ؟ فالضد يظهر حسنه الضد ! .. فما هو الإبداع ؟ ..الإبداع ..الإبداع؟
لقد اختلف العلماء والباحثين بتعريفه ، وأنا لا أصبو من طرحي هذا إلا للإبداع في مجال الأدب والكتابة الأدبية لا أكثر.
أليس الإبداع هو أفكار جديدة يأتي بها الفرد ثم ينهج لها نهجاً جديد مخالف ومتماشي بنفس الوقت مع المناهج الأخرى أي يكون به فائدة .. الإبداع يحتاج لــ روح خلاقة ، ثورة ، قوة شخصية ، تقبل للنقد ، مخزون لغوي وتاريخي ، وتواصل مستمر مع المحيط المتواجد به المبدع .
وإني لأترجي منك كلمة حق بخصوص المبدع . .. لأني ارتأيت بشكري أيضاً إبداع لأنه ثائر ورجل يمتلك روح محارب لا تفتر همته ولا تدميه أقلام سنت رؤوسها لوخزه!
لقد أبدع شكري كما أبدع جبران يا بقالي فهو أمسك بالورقة والقلم بوقت متأخر وأجاد العربية والفرنسية
وقرأ و تمرد على مجتمع منافق حين كتب سيرته الذاتية .. وزمان جبران ليس زمان شكري فكل أبدع في محيطه .. هكذا أبدع شكري بالثورة وروح التحدي أما اللغة ، فأنا أقول كلما قرأ وكتب كلما تمكن من صهوة الحرف أكثر ! فسلام على روح جبران وسلام لشكري .
..........................

أما حديثك هنا :
ماذاعن المثال الثاني ؟

أولا انااتحفظ من التصنيف الذي يختصر الروائع الأدبية في التاريخ الانساني في الالياذة و الكوميديا الالهية و دون كيخوته و فاوست
مرد تحفظي ليس التعصبا . بل هو موضوعي جدا ومستند الى حجج كثيرة .فأين الف ليلة و ليلة و أين حي بن يقضان
اعتراضي له ما يبرره .فأنا لا اعرف عملا الهم مخيلة الكتاب و الشعراء و الرسامين و المسرحيين و السينيمائيين و المفكرين شرقا وغربا مثلما فعله بهم الف ليلة و ليلة .......

هنا أنا أعود لمداخلة فراس الباوي بقوله
أقول أيضاً ... أن التميز في العطاء له مقاييس تختلف من قارئ لآخر .. فقد يكون أشد المتميزين بنظري مجرد قلم عادي بنظر قارئ آخر .. وقلم ردئ بنظرة أخري ... هذا التفاوت في التذوق هو ما يخلق مجالاً أشد رحابة للتميز .. فلو كان منظور التميز واحد لاقتصر التميز على فئة قليلة و هي تلك التي اقتصرت معطيات التميز في اقلامهم ...
فبما أنا نعيش بزمن الحريات فأنا أريد أن أقولها وبحرية بأني لا أحب الإلياذة ولا قصص نجيب محفوظ ولا كتابات المنفلوطي وما عاد يشدني شعر نزار قباني كلما تقدمت في السن ونضجتُ في العقل!
هي نظرة القاريء يا بقالي كما قال الباوي! فلو أعطيتني كتاب ألف ليلة وليلة وكتاب كليلة ودمنة لاخترت الآخير ولو وضعت الكتابين أمامي وقصة ذهب مع الريح لمارغريت ميتشل و البؤساء لهيجو لفضلة كـ قارئة تبحث عن المتعة و التجربة الإنسانية العميقة الكتابين الآخيرين!
إن الأدب لا جنسية له وإن تفوق علينا الغرب في الترجمة والتسويق والدعاية!
يا بقالي سؤالي الثاني لك سيدور في هذه النقطة فانتظر .. لدينا الكثير ما نحاوره حول القصة والعمل الروائي بين الشرق والغرب وتبقى الإنسانية سماء تظلل الضفتين!
وأنا هنا لا أريد أن اطرح بالسالب من قيمة ألف ليلة وليلة فباولو كوليو بقصته الكيميائي و الزهير استقاهما من ألف ليلة وليلة ـ إن لم يخني مصدر معلوماتي ـ
قد يقول البعض بأني قارئة بسيطة لأني تركت تراثاً لأقرأ ما يمكن تسميته بأدب حديث! .. تركت ملاحم لأقرأ روايات!.. وردي هو رد الباوي ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع!
خذ مثلاً أيضاً أنا وأختى ... هي خريجة أدب عربي وأستاذة أدب عربي وقارئة نهمة ولها كتابات قوية تعلمت منها كثيراً .. هي تكره كتابات جبران وتحب توفيق الحكيم .. أنا أعشق نبيّ جبران وأقرأ توفيق لأطلع لا أكثر وكلانا تخلق في رحم واحد !

بقالي لنا عودة على حديثك هنا الذي نكأت به الجراح ولامست به الواقع

ولابدفي ختام هذا التوضيح من الاشارة الى عنصر تققيم الجودة .وهنا يحضركل شئ الا الجودة . فعلى سبيل المثال لو كانت الف ليلة و ليلة منتوجا غربيا ، لكان له شأنا اخر . ولو ان الاستفتاء الذي تم قبل سنوات قليلة لاختيار احسن منتوج ادبي في تاريخ الانسانية تم مثلا في الستينيات لكان قد تماختيار رواية الاملمكسيم غوركي بدلا عن دون كيخوته. وكل ذلكلأننا نعيش زمن الغرب .ة لأنه مركزالقوة في عالمنا ،فهو مصر ان لا يصدرلنا فقط معداته ومنتوجاته الصناعية فقط . بل هو يصر على تفوق شامل . ومن ثم كان لا بدله ان يسوق لنا ثقافته ومعييرالتقييم ايضا.
..................................


بمشيئة الله سأعود يا بقالي لأني أريد أن أزم أفكاري لتصب بمجرى النقاش لا أريد أن أشطح فأقع على أم رأسي!

دمت ودام الجميع بخير

رنا



RANA
أشرف الخريبي
سأنتظر ما سيقوله الأستاذ أشرف الخريبي في هذه النقطة وفي غيرها من النقط التي دارت في هذا الحوار . وشكرا .[



اشكرك ايها الصديق الغالى لهذه الدعوة الكريمة التى لا استطيع رفضها
ولا املك خيارا معك غالبا فى طلباتك التى تبقى فى روعتها جنون ليس
من النوع الشيزوفرينى ولكنه الجنون الجميل الذى احب فى الفن

بقالي ..
نحن بانتظارك ..
أما أنا فسأعود للرد على مقطع مهم جداً في حديثك وهو ما نسخته في ردي الأخير وأعود لنسخه هنا :
ولابدفي ختام هذا التوضيح من الاشارة الى عنصر تققيم الجودة .وهنا يحضركل شئ الا الجودة . فعلى سبيل المثال لو كانت الف ليلة و ليلة منتوجا غربيا ، لكان له شأنا اخر . ولو ان الاستفتاء الذي تم قبل سنوات قليلة لاختيار احسن منتوج ادبي في تاريخ الانسانية تم مثلا في الستينيات لكان قد تماختيار رواية الاملمكسيم غوركي بدلا عن دون كيخوته. وكل ذلكلأننا نعيش زمن الغرب .ة لأنه مركزالقوة في عالمنا ،فهو مصر ان لا يصدرلنا فقط معداته ومنتوجاته الصناعية فقط . بل هو يصر على تفوق شامل . ومن ثم كان لا بدله ان يسوق لنا ثقافته ومعييرالتقييم ايضا.

بسرعة ضع خطاً تحت جملتك عنصر تقييم الجودة ، فما هي عناصر تقييم عمل أدبي لمعرفة جودته من ردائته؟
أهي ما أعقبته بالرد من غرب يريد أن يلزمنا بثقافته ومنتوجاته الصناعية؟ .. كنت قبل عدة أعوام أؤمن بنسبة مائة بالمائة بنظرية المؤامرة على الفكر العربي ، لكن كلما كرجت السنون وأتقد العقل و أصقِلت الخبرة بدأت أتنازل رويداً رويداً و أنزل سلالم نظرية المؤامرة في الأدب والثقافة .
فيا بقالي الناقد هو من يحكم بجودة العمل أم بردائته لو طلبت مني أن أعرف من هو الناقد!
وأنا هنا أعود لأقر بما أوردته إننا لا نستطيع أن نفصل السياسة عن الأدب ولا الصناعة أيضاً .
فالآلة قدمت لنا ورق نسكن بها الأفكار و نؤرخ بها تاريخ البشرية وهي أيضاً من تفاعل معها الإنسان فغير الكثير من نظرته في الحياة وأسلوبه ..
لقد كان الأدب في السابق [أدب آلهة] ، ملاحم و رويات أبطالها آلهة وأولادهم وحين يكتب عن الإنسان فهو إما طاعن بالشر أو مفرط بالخير ليرتقي سماء الألوهية وفتاته جمالٌ تفغر له الأفواه وتشق له الجيوب وتجحظ له العيون لفرط كماله!
لكن بعد أن بدأ الإنسان يثور على دور العبادة و يتفلت من الفكر الكنسي و غضب الآلهة و أتى المعدن المتحرك بالطاقة ـالآلة ـ علمنا كيف نثق بإنسانيتنا وقدرتنا على التخليق وبأننا لسنا دوماً بحاجة للآلهة لنطحن قمحنا و ننير دورنا ونستفز السماء فتمطر مطراً صناعي!
ومن هنا انطلقت شرارة [الأدب الإنساني] ابتداءاً بثورة ضد الكنيسة وطرح الفكر الديني المعتم وتبني الفكر العقلاني القائم على أسس علمية ومن هنا بدأت النهضة الأوروبية .. النهضة القوية التي نخافها للآن لأنها قامت على أسس عقلانية وعلمية وطرحت الفكر الديني الكهنوتي .
لقد استطاعت قصة روبنسن كروز أن تقول إن الإنسان باستطاعته العيش والاعتماد على نفسه دون أن يحمل على كتفيه خطيئة البشرية التي ولدنا وحملونا إياها على ظهورنا وترسبت في اللاوعي فهناك من ينتحر ليكفر خطيئته وهناك من يبكي على قدم الراهب وهو على كرسي الاعتراف ليأخذ مسكن لأزمة الخطيئة وهو ما يعرف بصكوك الغفران إن ربونسن كروز لم يحدثنا عن آلهة تقذفه بالنار وهي على صهوة خيلها لم يخبرنا عن معابد أقامها في جزيرته النائية ولا هبط على هذه الجزيرة كنوع من العقاب الإلهي ليعيش يستغفر الآلهة . .. لقد أراد روبنسن كروز أن يرسخ آدم جديد على أرض جديدة آدم بلا خطيئة وسفينة نوح بلا طوفان غضب الآلهة فأعمل عقله وبنى وشيد وصادق الحيوان فلا كانت هناك غواية بجسد امرأة ولا خطيئة تبكيه ليلاً .
ومن كل حديثي هذا أريد أن أصل بأن الغرب أثبت قوته وتوقد ذهنه و مصداقية أدبه حين آمن بالعقل البشري ولفظ بعيداً عنه ملاحم اشباه الآلهة!
في المشرق نحن نقيم صلاة الإستسقاء ونتضرع بحرقة ونلبس ملابسنا بالقلب ليرضى الله عنا ويمطر أرضنا ..في الغرب هناك إنسان بعقل، نظر للسماء فأوحى له الله أن يستفز السماء بالعلم فأمطرت مطراً صناعي!. هذا ما أريد قوله يا بقالي عن جودة الأدب الغربي و الأدب العربي عن أدب يكتبه إنسان عن إنسان ويقرأه إنسان آمن بإنسانيته ..
الغرب تبنى قبلنا نحن الغائصون من الكحل للكاحل بالعاطفة وطوق الحمامة وشعر نزار ومعلقة ابن أم كلثوم ألا لا يجهل علينا أحداً فنجهل فوق جهالة الجاهلينا ما يُسمى الآن بالأنسانية وهو الآن يعمل جاهداً ليمزج كل حضارات الشعوب و كل رأس آدمي تحت شعار الإنسانية فلا انتماء في التجربة الإنسانية إلا للإنسان
فخرجت لنا مصطلحات لم تتحدث عنها الكنيسة ولا ملاحم الآلهة ، خرج لنا مصطلح جديد يدعى حقوق الإنسان .مهد له الأدب الإنساني في قصة الأم لمكسيم كما تفضلت بذكرها مسبقاً و بقصة البؤساء والأحمر والأسود لـ ستندال والجريمة والعقاب والحرب والسلام ، ومهد له فكر عقلاني أيضاً في الحضارة الغربية التي تدين لديكارت بتأسيسه .
فأين الفكر العربي يا بقالي من تاريخ الفكر والأدب الغربي؟ نحن لا نزال نراوح مكاننا ونحمل خطيئة آدم على ظهورنا لا أزال أذكر كيف خبأ والدي قصة ألف ليلية وليلة النسخة القديمة لأنها مليئة بمقاطع حب وقبل ملتهبة عن أولاده ، لا أزال أذكر كيف غضبت أمي حين سرقت من مكتبتها قصة لا أنام وقرأتها وأنا في سن الثانية عشرة! .. نحن لا نزال نحمل عبء التراث وخطيئة الغير وعواطف لا يحكمها منطق فمحاكمة د. صادق العظم في مطلع السبعينات لكتابه نقد الفكر الديني يذكرني بمحاكمة غاليليو، ومن سخرية القدر إنه في زمن محاكمة د.العظم كان الغرب يطلق مراكب فضائية حملت اسم غاليليو تكريماً له !
فبعد هذا يا بقالي كيف يمكن للشرق أن يحكم بجودة عمل أدبي ؟ وعلى أي أساس تقوم عناصر الجودة لديه؟!
................
أرجو أن أكون قد وفقت بهذا الطرح فإن أصبت فهو من عند الله وإن اخطأت فهو من هوى النفس
و الشيطان
دمت بخير وانتظر عودتك بفارغ الصبر .

رنا
أشرف الخريبي
سألخص هنا الأسئلة والردود قدر الأماكن وما تم مناقشته ربما لتتضح الرؤيا أكثر على الأقل عندي. ولأعادة هذا الحوار الى مساره الطبيعى كل موضوع حمل عدة قضايا لا يمكن تلخيصها هكذا والا فقدت موضوعيتها واهميتها ولذا من المهم هنا ان نوضح القضايا اكثر كى يثمر هذا النقاش وتعم الفائدة .1-
رنا \.. يقول محمد شكري من حق الطفيليات أن تنمو في حقل الأدب ،
لكن لنا أيضاً الحق في أن نجتثها من يقصد هنا شكري بـ لنا ؟
القاريء أم الناقد أم الكاتب أم جيل و زمن بأكمله
عبدا لله \.. وكرأي أقول ما قاله بوجميع الشخص الذي أسس مجموعة ناس
الغيوان حين استفسر عن تاكثر الفرق الموسيقية التي تحاكي ناس الغيوان فقال
: نحن مثل اناس يبعون بضائعهم في الاسواق لاحق لنا في طرد منافسينا ، لكن الجودة
و القدرة على الاستمرار هي التي ستحسم هذه المسألة . لهذا فالمسألة سيحسمها القارئ كما قلت
و الزمن و قدرة وطاقة من يشتغل بالكتابة .
2- رنا \.. من هم الطفيليون ؟
عبد الله\ .. المتفق عليه بخصوص تعريف الطفيلي هو أنه ذلك الذي يحشر أنفه فيما لا يعنيه . و اعتقد ان القصد من سؤالك هو ذلك الذي غير مؤهل للكتابة او الخوض في النقاشات و كان الاجدر به ان يظل بصددها مجرد مستمع تلخيص اكمالى
( هم اولئك الذين يمارسون حضور وفقط خاوين من الفكر والأدب )
3- رنا \.. وهل ما ينطبق في عالم الكتاب وطباعة الورق من عمل روائي ينطبق فى المنتديات وطباعة النص على شاشة حاسوب ؟ وكيف لعمل روائي أن يعيش على صفحات الويب؟ .. وهل شكري برأيك الشخصي محق بنظرته هذه أم للطفيلي الحق أن ينمو حتي يغدو شجرة سرو ؟
عبد الله \.. بخصوص المقارنة بين المطبوع و المكتوب سأجيبك في علاقة بتجربتي الشخصية . أجد في المطبوع نوعا من التميز . لعلاقتي بالكتاب منذ القدم و إن كان تميز الكاتب في العمق يعود لكونه غير منصهر في شبكة علاقات محيطه . إلا ان النت نفسه لا يخلو من أهمية . فهو يجعل المسافة مضحكة وهذا يمنح متنفسا ليس في مستطاع الكتاب المطبوع أن يوفره . و إن كان للنت من سلبية لحد الآن ، فهو بلا شك عدم تعاطي النخبة معه . او التعامل معه بوجوه مختفية خلف اقنعة . كما أنه لا يضمن الحقوق المادية للمؤلفين . هذا الى جوانب عوامل اخرى كثيرة كتناسل المنتديات ، وتشتت القراء بين عدد لا يحصى من المنتديات . وتكدس النصوص وغيرها من العوامل ...
اخذ النقاش موقف اخر اتابعه حتى الأن بدقة وانتظر
تقول رنا \..أحياناً أتصفح كتابات هنا أو في منتديات أخرى لا أفهم منها شيء!! لا فكرة ولا مضمون ولا حبكة! سوى صف جمل مبهمة يأخذها الكاتب سواء مبتديء أو كويتب ليقنعنا أليس هذا حال معظم الكتابات؟ كلام مبهم وجمل مرصوصة لا نخرج منها بفائدة
تقول رنا\. ولن نجتثه (لطفيليلى ( إلا بنقد هادف فإما يهزه ليستيقظ ويتدارك قلمه
وإما يهد عليه معبده ويريحنا منه ! .. نحن من يشجع الطفيليين لينموا في صفحاتنا ما دمنا نخاف على كتاباتنا من الموت و التهميش من محاربة الغير لها لأنها نقدت وقالت لا ! هذا النص لا يعجبني وهو لا يحمل أي فكر أو إبداع أدبي .
تقول رنا \.. ماذا بخصوص الجودة؟.. فما هو الإبداع ؟..الإبداع؟
لقد اختلف العلماء والباحثين بتعريفه ، وأنا لا أصبو من طرحي هذا إلا للإبداع في مجال الأدب والكتابة الأدبية لا أكثر. الإبداع يحتاج لــ روح خلاقة ، ثورة ، قوة شخصية ، تقبل للنقد ، مخزون لغوي وتاريخي ، وتواصل مستمر مع المحيط المتواجد به المبدع
،فهو مصر( الأخر) الغرب تقصد ان لا يصدرلنا فقط معداته ومنتوجاته الصناعية فقط . بل هو يصر على تفوق شامل . ومن ثم كان لا بدله ان يسوق لنا ثقافته ومعييرالتقييم ايضا.
عنصر تقييم الجودة، فما هي عناصر تقييم عمل أدبي لمعرفة جودته من ردائته؟
ومن كل حديثي هذا أريد أن أصل بأن الغرب أثبت قوته وتوقد ذهنه و مصداقية أدبه
حين آمن بالعقل البشري ولفظ بعيداً عنه ملاحم اشباه الآلهة!
فأين الفكر العربي يا بقالي من تاريخ الفكر والأدب الغربي؟ نحن لا نزال نراوح مكاننا ونحمل خطيئة آدم على ظهورنا
هنا اتوقف حول القضايا المطروحة حيث شملت وتعددت فروعها بين الأصدقاء
بشكل يصعب معه عدم تحديدها اذا لم يتوجه النقاش لهدفه كى لا يصبح مجرد حوار
تحياتى لكما حتى الأن


وسأبدأ من هذا التلخيص الذى يكون ربما مخلا فى كثير منه
اود المشاركة بعد إذن الإستاذ عبدالله البقالي والفاضلة رنا . فهذه الأسماء المتوادة في هذا الموضوع تشد الانتباه وتجبرني على المشاركة ،واتمنى أن لا يحسب تطفلا فادخل في تصنيف الطفيليات ، وعلى ذكر هذا الوصف أبدأ ،
فالطفيليات ، من لم يدرس علم الأحياء يبخس قدر هذه الكائنات وقدرتها على الحياة ، وبحق الكثير من أنواعها له فوائد جمة ، كتلك الطفيليات التي تنمو على جذوع الأشجار في الغابات الممطرة ، وبعض انواع الكبتيريا أيضا رغم تطفله على أمعاء الإنسان وجوده ضروري لتكوين أنواع من الفيتامينات ، وبحق كنت اتمنى لو أنني أستطيع استخدام هذا المصطلح لوصف ما تود رنا ايصاله لنا من فكرة ،
ولكن الرديء في الأدب ليس سمة وراثية تطبع صاحبها ، ولكنها سمة مكتسبة ومتغيرة ، فلا شيء يبقى على حاله: قال احد الفلاسفة :كل شيء يتغير حتى التغيير .
محمد شكري الذي تم الاستشهاد به بالنسبة لي هو رديء جدا إذا ما اخذت برأيي الشخصي وانطباعي الأول عن عمله الخبز الحافي .
ورغم ذلك تلقى جائزة وتم التحدث عن حسن صنعته ،
السيرة الذاتية التي اغرقت نصوصه بصور تلغي الايجابية في مجتمعه كانت محل تشكيك في قدرة الأديب على نقل الأجمل من محيطه إن لم يكن السيء مجرد وصف لحاله لا نحتاج التدقيق في تفاصيلها لمجرد السرد ، فهناك مسؤولية اكتشاف الأسباب ومحاولة الاصلاح . ومن قال أن الأدب رسالة تستحق الإشادة برموزها عليه الاعتراف بأن الكثير من الأعمال لم تقدم لم تقدم أي رسالة .

ومع شيوع العلم والمعرفة ، بعد أن كانت حكرا على القادرين ، أصبح أي إنسان يقرأ ويكتب قادر على التعبير عن ذاته ، وانعكاس التنوع في الكتابات ليس سوى تمثيل لتنوع العقول والمشارب المعرفية والاجتماعية لكل فرد ، فحتى لاعب الكرة يستطيع كتابة مراوغاته ويسجل افكاره عن الكرة ، فهل ننكر تجربته التي تم نسخها بشكل أدبي لأنها لا تماثل ما تعودنا على فهمه من كلمة ( الأدب ) . والتي يبدو لي أنها تؤطر وتضيق الخناق على عقل الإنسان القادر على التعبير عن نفسه وتجاربه الخاصة ، لذلك عدت مرة أخرى رغم حكمي الشخصي على أعمال محمد شكري ، لاعتبره إنسان يمثل نفسه فقط ومن حقه الكتابة عنها ليخبر من يأتي بعده بأنه كان موجود .

إذن الوجود والحضور هو الهدف من ممارسة الأدب ، وليس مستوياته سواء كان رديء او جيد ، في رسالة من طفلة صغيرة كتبتها يوما ما بعنوان أدب الطفولة ، كانت عبارة عن كلمات بسيطة ومليئة بالأخطاء الإملائية وافكارها صغيرة جدا بحدود عالم تلك الطفلة ، وممارستها للكتابة تلك لم تكن سوى محاولة للتواجد والحضور في عقلي بما يمثلها . وهكذا الجميع هنا ، سواء شئنا أم أبينا ، إذن المسألة لا تخضع لأحكام الأدب وقياساته الأكاديمية او حتى المكتسبة بالممارسة . بل تتجاوز ذلك إلى حقيقة أن هناك أفراد يمكنهم التواجد والحضور بمجرد الصمت ، وقد يحدث هذا في مكان عام يدخل أحدهم، إنسان عادي جدا ، لا يميزه شيء ، صامت ، ملامحه تكاد تتكرر في ملايين البشر . ولكن تواجده وحضوره يظل سرا ، فالجميع أحسوا به والجميع انبتهوا لحضوره . وهناك آخر وسيم جدا متكلف متجمل ، غني باذخ ، يدخل إلى مكان عام ويخرج منه دون أن يطبع سمة حضوره وتواجده في تلك اللحظة ، وحتى إن فعل فسيكون لمجرد المظاهر التي علت شكله وكانت قاسم مشترك لغيره من الشخصيات المعتادة على هذا الأمر . فكان حضوره لحظيا بعكس الذي انطبع في الذاكرة رغم بساطته .

الكتابة ليست هدف بذاتها وليست غاية ، وعملية التعلم والتطور لا تتم بمقارنة ما لدينا بما لدى الآخرين ، وحتى عندما اطلب نقد أحدهم ، او اتعلم منه شيئا ، فأنا لا ألغي أدواتي الخاصة التي تعودت على استخدامها ، وكل ما هناك ان وجود ذلك الشخص أصبح واضحا وطريقته في التعبير عن فكره تجعلني مهتم بأن أرى انطباع حضوري في ذهنه ، وللعلم فأنا عندما قلت أدواتي الخاصة ، اعترف لكم بأنني لا أملك أدوات ، ولو سألني أحدهم كيف تكتب ، سأكتفي بالقول أنني امسك القلم وارسم الحروف كما تعلمتها لتطبع المعاني والأفكار التي في ذهني بنفس الترتيب وبنفس الصور .

الأديب : هذا المصطلح عندما اطلقه ، أجده يجمع تعاريفا كثيرة ، ولكنه ببساطة هو الإنسان القادر على تلخيص مشاعره الخاصة وتجاربه الخاصة في صور وقوالب قابلة للاستخدام من قبل البشرية كاملة ، فيكون ما يكتبه عبارة عن حكم وامثال أو خطوط عامة تؤرخ او تستشرف حياة الإنسان بشكل عام ، ومن الصعب أن نجد شخصا يعبر عن ذاته ويتواجد في عقولنا ، بطريقة تجعله خارج نصوصه ، بعيدا عن ذاته ، وعندما يحدث احدهم ذلك، فنقرأه وكأنه يتحدث عن أنفسنا ، هنا فقط نكتشف ان الأدب الذي بين أيدينا هو أرقى الأنواع .

العقل البشري يخاف من المجهول ، ويسعى إلى التماثل والتطابق مع ما حوله ، وكلما انكشف لنا من خلال أحد النصوص مساحة يمكن للعقل اقتباسها لتساعد على المضي قدما في الحياة ، تكون هذه المساحة وتلك النصوص ، هي الأكثر أدبا ورقيا ، وذات قيمة إنسانية أكبر .

والنقد في حالاته القصوى ، وما نشأ من مدارس نقدية ، يصب في خانة إعادة ترتيب التجارب السابقة للأدباء ، ووضعها كمنهج يمكن لنا اتباعه لإنتاج ما يشابهه في الجودة ومستوى القيمة ، والغريب في الأمر ، أن الأعمال الأدبية التي اخذت حقها من النقد وتم بواسطة تحليلها ونقدها الاجماع على عناصر اساسية لكل قوالب الأدب . هي بذاتها كانت أعمال أدبية لاقت رواجا بين العامة من الناس ، وحقق جودتها اقبال الأذواق الانسانية المختلفة عليها . فكانت مرجعا يتم تحليله بكافة الطرق وأعادة النظر فيه لإخراج تجارب مشابهة تجتمع الإنسانية على جودتها وقيمتها الأدبية .

ولكن المشكلة التي تظهر هي ان الإنسانية اختلفت عبر العصور ، وأن الهموم والمآسي والأفراح ، رغم تشابه عناوينها العامة ، أصبحت مختلفة في تفاصيلها الدقيقة ، فنرى أنفسنا نستغرب كيف لأحدهم أن يحب قصيدة شعبية ويفضلها على احدى المعلقات ، أو أن احدهم يفضل سماع قصة أبو زيد الهلالي على أن يقرأ الحرب والسلم لتولستوي . هذه المفارقات ناتجة عن عدم تمكن الأديب من ملامسة ومقاربة التغيرات الإنسانية الموافقه لعصره ، ولم يعد هناك مراحل جديدة ينتجها لنا الأدباء والمثقفين ، لأن الاختراع والأبداع أصبح يسلك منهج التكرار لما سبق ، فكم من الوقت مضى منذ آخر مدرسة أدبية ، وكم من الوقت مضى منذ آخر مدرسة نقدية ، وكم من المراحل التي مر بها الإنسان العربي في عالمنا دون أن يخرج لنا أدبا مختلفا يعبر عن المرحلة التي نعيشها .

واختم قولي هذا
بـ ربــمــا
تحياتي
RANA
قبلاً ..

لم أنا هُنا ؟
أنا هنا لأني أريد أن أرضي [حاجة ملحة ورغبة قاتلة ] تلازمني منذ الصغر بالحوار والسؤال والنقاش مع من يمتلكون ولو ربع الإجابة على استفساراتي ولأني لم أضع قدمي في عالم المنتديات فقط ليعرفني الآخر بل أيضاً لأعرف أنا الآخر يا بقالي ..
في رأسي الكثير .. الكثير عن الأدب والكتابة وأحب أن أمرّس قلمي و أستفز عقلي بالنقاش ، فإن أطلت عليك في طرحي فاعذرني ! أحببت فقط أن أحدثك عما يجول بخاطري وأعلم بأني لا أملك الحقيقة لذلك أعرضها عليكم هنا لترشدوني!
يا بقالي أعدك بمشيئة الرحمن بأني سأطرح عليك وعلى أولي العلم هنا نقاشات أخرى ، هنا حاولت أن أفتح باباً لأعرف فكر الآخر وأستفيد وأشكرك لأنك لبيت النداء واتمنى أن تبقى بيننا دوماً ..
وأنا دوماً بانتظارك وما هي إلا بداية و برعم يتفتح فترفق به حتى يأخذ تشكله الآخير .
...........

أستاذنا الخريبي ، أعجبني إيجازك لأهم النقاشات التي دارت هنا وتجميعك للفكر المروح لنستفيد منه جميعاً وأنا بانتظارك فعجل ولا تكن بطيء كحالي ..
................
السيد الفاضل إبراهيم بن سنان كنت متيقنة بأنك ستأتي هنا أنفي لا يخطيء رائحة أولي الفكر! وقبل أن أعقب على ما طرحته من مشاركة[يُشادُ بها] قل لي قبلاً أين ألتقيت بك ؟ أكاد أجزم بأني أعرفك والتقيت بحروفك في منتدى آخر فأين؟
..............
إلى الجميع هنا أنا على باب أجوبتكم انتظر على الأعتاب وسأعود بمشيئة الله لأستفيد أعذروني الآن لأني مشتتة وبصدد الرحيل لمنزل آخر!

رنا

جواب
في الصيف الماضي حضرت المهرجان السنوي لموسم اصيلا الثقافي . وكان من بين الضيوف د. ابراهيم محمد عويس وللعلم فهذا دكتور مصري يدرس بالجامعات الامريكية منذ 45 سنة . ومن بين تلامذته بيل كلنتون وكما حكى عن تجربته هناك ، فهو كان قد نسي تماما أنه عربي ومسلم . و كان نموذجا الانسان الذي

مرحاض النسوة. بالفرنسية ترجمة مرتضى العبيدي

أحس ب ضغط قوي في أمعائه، و شعر بضرورة التخلص من شحنتها في اسرع وقت لعل الألم يبارحه.
ظل يسرع الخطى غير آبه بالوجوه و الأصوات. عيناه لا تبحث إلا عن يافطة تفيد أنه أمام مرحاض عمومي. وفجأة لاحت له في أعلىالشارع. هرول بما اوتي من قوة. ولج المبنى بسرعة . و لحسن حظه وجد بابا في الداخل مفتوحا.
لم يعرف كيف تخلص من حزامه. وحين اندفعت الشحنة . قفزت لذهنه صورة مهمة رآها بباب المرحاض لحظة دخوله. وقبل أن يشرع في تمحيصها. سمع أصواتا و قرعا قويا على الباب. وأدرك انه دخل الى مرحاض للنسوة
احمرت وجنتاه و شعر بالعرق ينساب من مسام جلده. هم بان يقوم و يغادر مسرعا. لكن الرغبة في التخلص مما بداخله كانت اقوى من كل شئ. استانف عمله وهو يشعر بانه يتغوط على كل الافكار.

Les toilettes des femmes
Traduction de Mortadha Labidi

Il sentit une pression douloureuse au niveau du bas-ventre et il eut le désir d’en vider la charge le plus tôt possible. Il se peut que sa douleur s’en apaise.
Il précipita le pas sans faire attention aux visages, ni aux voix ; ses yeux ne cherchaient qu’un panneau indiquant l’existence de toilettes publiques. Soudain, il en vit un au fond de la rue. Il courut vers le but, franchit promptement le seuil du local. Pour son bonheur, il trouva une porte ouverte. Il ne sait pas comment il a pu défaire sa ceinture ; et quand sa charge se déversa telle la cascade d’un grand barrage, il eut brusquement à l’esprit une importante image qu’il vit sur la porte extérieure alors qu’il entrait. Et avant même de la reconstituer, il entendit des voix et des battements de mains sur la porte. Il comprit alors qu’il avait envahi les toilettes des femmes.
Il en rougit et la sueur coula abondante de toutes ses pores. Il feignit de se lever et de quitter rapidement les lieux, mais l’envie de se vider de sa charge était plus forte que tout.
Il continua sa tâche avec l’idée qu’il était en train de péter sur toutes les idées.

بين رقصة البارود و العيطة الجبلية

كثيرة هي الرقصات الشعبية التي تعودنا على مشاهداتها في مناسبات شتى.وجعلنا فعل التعود على مشاهداتها غير مهتمين بأمرها وتفسير حركاتها وفهم طقوسها، ونركز فقط من خلال متابعتنا لها على الجانب الاحتفالي فيها دون محاولة الغوص في أبعاد حركاتها وبعيدا عن كشف خطاب الأشعار التي تتخللها.
من بين هذه الرقصات رقصة البارود الشائعة في منطقة اجبالة. و المختلفة عن باقي رقصات البارود" لدى سكان المناطق الواقعة جنوبا كتلك السائدة لدى قبائل "الحياينة" "
فرقصة البارود في منطقة اجبالة هي رقصة مشاة. في حين أن رقصة البارود في الحياينة هي رقصة فرسان يركبون خيولا. و لا شك ان البيئة الجغرافية السائدة في كل منطقة هي التي حددت شكل الرقصة في كل واحدة منها.
منطقة الحياينة مثلا هي منطقة سهلية. مكشوفة. والمتحرك فيها في لحظة حرب يحتاج إلى سرعة للتنقل من منطقة لأخرى، إما فرارا من عدو، اومباغتته ومحاصرته. وبالتالي كان الاعتماد على الخيول من اجل تحقيق ذلك.
على العكس من ذلك فمنطقة اجبالة هي منطقة جبلية. وعرة المسالك، لا تصلح فيها الخيول كوسيلة للتحرك. بل أن التموقع الجيد للمقاتل. واستغلال الحواجز، والقدرة على مباغتتة العدو هو الاسلوب الأنسب كتقنية للقتال.
ما يلاحظ في رقصة البارود الجبلية أنها تبدا بتنسق مسبق. إذ ان مقدم الفرسان يعمل في تنسيق مع المشاركين في الرقصة على تحديد زمان ومكان التقاء المقاتلين خارج القرية التي سيتم فيها الرقص. بحيث أن الجزء الذي يعتبر رئيسيا في الرقصة ما هو سوى مجرد مرحلة لتحضير سابق و أخر لاحق.
افالاستعداد يبدأ من قبل. إذ يتجمع المقاتلون خارج القرية،و يتم تنظيم صفوفهم وينطلقون مصطفين اتجاه الساحة التي سيتم فيها الاستعراض. وهم بذلك الشكل يبدون كقافلة عسكرية منطلقة اتجاه رقعة المعركة. وفي طريقهم تلك، يشرع المقاتلون في اطلاق البارود مثنى مثنى. وتلك العملية يمكن تسميتها في اللغة العسكرية الحالية "بالمناورة العسكرية". وهي تهدف إلى التأكد من فعالية السلاح، ورفع كفاءة المقاتل في الحرب. وفي نفس الوقت تكون العملية بمثابة دعوة لعامة الناس من اجل حضور الرقصة.
يصل المقاتلون إلى ساحة الاستعراض. و يشكلون حلقة مغلقة يتوسطها "المقدم" او المايسترو الذي يشرف على تنظيم الرقصة. و المقدم يتمركز في وسط الحلقة ويتولى اعطاء الأشارات للمقاتلين. وهو بهذا الشكل يبدو مجسدا لل "القيادة الميدانية" التي تشرف على إدارة العمليات العسكرية.
كل حرب كيفما كانت، لا بد لها من مراحل محددة. من بينها الإعداد النفسي الجيد للمقاتل. فالمقاتل لا بد أن تكون معنوياته مرتفعة. و مؤمنا بجدوى الحرب التي سيوخضها للحد الذي يكون مستعدا للاستشهاد من اجل تحقيق غاياتها.
من أجل تحقيق هذه الغاية يبدأ "عياع" وهي مقاطع أو مواويل تحتوي مضامين ومثل نبيلة تتغنى بالامجاد الغابرة، و التمسك بالعزة والكرامة، و استرخاص الحياة إن كانت خالية من الكبرياء والانفة.. ويتناوب المقاتلون على ترديد مقاطع دات مضامين متنوعة، إلا أنها تصب في مصب واحد، هي رفع معنويات المقاتل وجعله في مستوى الإقدام على التضحية من اجل تحقيق النصر

حين يشعر المايسترو أن العامل المعنوي للمقاتلين هو قد بلغ المستوى المطلوب، ينتقل للمرحلة المتقدمة. فترتفع صيحته تشق العنان و"وا هيا لولاد"
هذه الصيحة يقابلها في اللغة العسكرية الحديثة إعلان "حالة الاستنفار" او التعبئة الشاملة. وهذه الصيحة تكون مقرونة بحركات معينة. فالاصابع تكون على الزناد. وهو ينقل بخفة يديه الممسكة على السلاح من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى. بينما تكون عينيه مركزة إلى الامام وفيها الكثير من الشراسة و الاستعداد للانقضاض..
التوقف عند هذه اللقطة يشخص وضعا هاما. فالمقاتل بتلك الحركة يجسد أنه وراء حاجز ما. قد يكون صخرة. او خندقا او اي شئ اخر. بينما عيناه المركزة على الامام، تشخص أنها رصدت العدو وترقب تحركاته بتركيز بليغ. وبهذا الشكل يفهم المتتبع ان المقاتل هو في وضع ملتصق بالأرض. مختف كليا بحيث لا يدرك العدو وجوده. بينما العدو متقدم ومتحرك. ووضع كهذا لا يتحقق إلا في حرب العصابات. وحين تنطلق الاشارة، يصوب المقاتلون بنادقهم. و يعملون كل ما في وسعهم على أن يخرجوا الطلقة في نفس الوقت. و إذا حدث ان تأخر أحدهم في إطلاق طلقته، تنطلق صيحات الاحتجاج من قبل الجمهور " خسرها"
قد لا يدرك البعض ما سر ذلك الامتعاض و الاحتجاج. غير ان فهم الوضع بشكل جيد يظهر السبب.
كان يفترض مثلا أن كل مقاتل يجب ان يفاجئ العدو ويصيب هدفه بحيث لا يترك له اي فرصة من اجل أخذ احتياطاته. وهذا سر الاصرار على ان تلتقط المسامع جميع الطلقات في الوقت نفسه. وبذلك الشكل يكون كل مقاتل قد نجح في تسديده. الا ان ذلك الذي تاخر في طلقته، يكون قد افلت من كان يفترض ان يكون ضحيته. ولذلك سمع الضحية المفترض طلقات الاخرين، فعمل على الاختباء. وحين اطلق المقاتل المتأخر طلقته لم تصبه. وبذلك لم تحسم المعركة .

ما علاقة رقصة البارود بالعيطة الجبلية؟ ولماذا تبدو أشعارها بعيدة عن ما يمكن اعتباره وحدة القصيدة؟
بالعودة إلى العيطة سيلاحظ المتتبع توالي الامكنة والوقائع بطريقة ليس فيها رابط و لا انسجام سوى كون أن جيمع الاماكن تقع داخل المجال الجغرافي لمنطقة اجبالة ، من تخوم تازة إلى المحيط الاطلسي. ومن البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب. بينما على مستوى المضمون هناك تأريخ للبطولة وتأصيل الهوية ونقش الذاكرة.

رقصة البارود لا تنتهي بانتهاء الغرض الذي جسد وقائع معركة قتالية. بل أذكر جيدا في الطفولة كيف ان "البواردية" كانوا ينتقلون من مكان العرض حيث رقصوا نهارا، إلى مكان فسيح نصبت فيه خيمة كبيرة، و هناك يقضون ليلتهم في جو احتفالي بهيج مجسدين شطرا أخر من المعركة تعوض فيه البندقية بالكلمة والادوات الفنية ، مؤكدين بذلك على أن المعركة ذات الف وجه ترتبط فيه البندقية بالكلمة العاشقة للحرية واهمية الفن وسموه وهو يقوم بإنجاز ما لا تستطيع البندقية ان تنجزه.
يبدا الحفل بإنشاد العيطة مرددين كل ما كتب في هذا السجل الضخم و المتربط بالمعارك السابقة التي دارت هنا وهناك من أرض أجبالة.
يفترض في حفل كهذا أن يعمد المحتفون إلى تأريخ وقائع المعركة التي خاضوها اليوم إلى سجل البطولات الكبير . وأنه في المعركة القادمة أينما جرت سيتم ترديد ما نسجوه اليوم قبل أن ينضاف للسجل المفتوح على الايام والوقائع مقاطع البطولات القادمة اينما جرت من ارض اجبالة.
هكذا نستطيع ان نفهم لماذا يتخذ منشدو العيطة نفس لباس "البواردية" الجلباب. و العمامة الفراء. و الكتف اليمنى المكشوفة من الجلباب.

في ذكرى ميلادك العشرين 2

كان علي أن أرحل في انتظار أن تلحقوا بي في زمن ما لاحق. ألححت على أن ترحلي معي، وهو ما وجدته خارج توقعاتي.


كنت في بداية مرحلة تحتاجين فيها إلى أمك و ليس إلي. و لأني قبل ذلك لم يكن البيت الداخلي يعني لي سوى ملجئ لمحارب عنيد يستعيد فيه أنفاسه لمواصلة غزواته التي تحدث في البعيد.


حين استدرت لأبلغك جوابي المتوقع القاطع، تجمدت و أنا أنظر في عينيك. لم تكوني المقاتلة التي تعشق كسر التحدي، لكن مسالمتك كان فيها كل الرهبة و القوة و التأثير. ووعيت ساعتها أن الانعراجات الحادة في حياة إنسان قد لا تقوى عليها كل أساليب القوة و البطش، لكن ابتسامة عادية أو نظرة منكسرة قد تنجح في تدشين ذلك. وضعتيني بين خيارين. أن ألتقطك أو أتركك لتغوصي إلى الأسفل. أن أكون مسؤولا، أو أن أعيش ملفوفا بإحساس الذنب و التقصير.


ضمنت نظراتك كل التعابير دون أن تنبسي بكلمة. مكنتيني من رؤية معنى حضوري في حياتك. و رأيت حجم الفراغ الذي سيتركه رحيلي بعيدا عنك. و بسطت لي معالم كل المنعرجات الحادة التي كنت مقبلة عليها، و التي كنت في أمس الحاجة إلى تواجد ربان متمرس كي تجتازيها بنجاح.


رأيت العالم عبر عينيك يا فدوى كما هو. متجردا من كل الأوهام التي تصورتها كساء له عليه أن يقلص أطرافه و ينقص من حجمه إن لم يجدها مواتية له. و لم أجد شيئا أسمى و لا أنبل يمكن فعله أكثر من الاستجابة لامتداد لي يطالبني بأن أكون ظهره في لحظة قد لا يكون فيها محتاجا لأكثر من مجرد إحساس بأنه لا يزحف وحيدا في دروب الحياة الصعبة.


تفسخ العالم فجاة، و لم أحتج إلى النظر داخلي لأشاهد انهيار ذلك الجدار المنيع الذي كنت أخفي خلفه مشاعري الحقيقية اتجاه الناس الذين صنعوا واحات الحب المخفية بعناية داخلي، و اخالك قد التقطت الكثير من أصداء ذلك الإنهيار و انت تنظرين إلي.


لم يكن الامر مجرد انتقال شخصين من مكان إلى آخر. كانت نهاية حياة و بداية أخرى. وبنفس القدر من التعبير المضمن، أبلغتك موافقتي.




لم أكن على وعي تام بما كان ينتظرني في المدينة. لكن خطواتك الأولى على مسار ما بعد الطفولة جعلتني أهجر المجالس و الأصدقاء و الهيئات، و أغلق كل الأبواب التي اجتهدت في كل العمر المنصرم من أجل فتحها. فعلت كل ذلك و انا اجري خلفك باكثر من طاقتي لأحقق تعادلا و موازاة في السير مع الزمن ووقائعه.


كان علي أن أتجرد من نفسي، مثلما صرت أنت مجرد طاقة لها قابلية الاستجابة للسير صوب أي اتجاه تدفعها صوبهاالريح. خلاياك كانت مفتوحة و تنتظر الاشتغال على أي شئ دون تمييز من أجل إثبات انتمائها للحياة.


على قد موازاة خط سيرك و تطلعاتك كنت اعيش الورطة. و رطة رجل فاته ان يتعلم كيف يكون أبا. كان أسهل شئ هو ان اللجوء و التحصن خلف ترسانه الوصايا و لوائح الممنوعات و فنيات الترهيب و التخويف. لكني أصررت ان أبحث فيك عن الإنسان.الإنسان الذي يعيش الحياة عبر تاكيده لجدارته في الإنتماء إليها. و يخوض في أحداثيات الظروف دون ان تتمكن أسوارها من ان تحجب عنه الرؤيا المنفتحة على الصيرورة، فلا ترتفع عينه عن رؤية مسارها وهي توالي سيرها نحو شط يقع خارج حدود وعي البشر.




لم يكن المشوار ذهبيا كله يا روعتي. لكنك كنت مذهلة. سجلك المتلئلئ بالإنجازات يشهد أنك كنت استثنائية. وقتاليتك تفسر حجم إنجازاتك الرائعة التي رغم حجمها، فأنا أرى أنها مجرد بداية.وعلي أن أعترف لك و أنت تقفين على عتبة عقد جديد، أني تعلمت منك الكثير، وأشكرك بحجم المسافة الفاصلة بيننا على كونك علمتيني كيف أكون أبا.


أعي بالكثير من الحزن و الفرح أني أقف الآن في آخر محطة من رحلة مرافقتي لك و انت تزحفين إلى المستقبل. فبعد حين ستمضين لوحدك. و سأعود بدوري إلى الخلف دون أن ادري لما سأعود.لا اعرف هل يجب أن أكون حزينا أم في منتهى السعادة. لكني أشعر بالفخر لكوني قدمت للإنسانية إنسانا، غير أني فقدت في الوقت نفسه رفيقا رائعا كان يجعل لحياتي معنى، و أني بعده لن اكون سوى أكمة شاهدة تتدفء ببقايا صور و ذكرى من رحلة لم تكن أبدا عادية.




عيد سعيد أيتها الصبية و انت تطئين مسار عقد جديد. لك كل حبي و حناني. و متمنياتي بأن يطول بي العمر قليلا كي أراك في المكان الذي حلمت بأن أراك فيه. وكل العمر و انت سعيدة

في ذكرى ميلادك العشرين

و أنت الآن قد سافرت إلى قارة امتدت بعيدا في الزمن ، أجد كل السبل المكانية لا تفضي لغير الذكرى. فماذا أهديك في عيدك و الأثير لا يحفل بما لا تقوى على حمله الريح؟

فراشة كانت هنا، تزرع الامكنة ألوانا وتسافر مع النسيم الذي يسكن الترحال. شحرورة كانت على الشباك، تعزف للمرح لحنا و للأرواح عذوبة وتطير ملاحقة الجمال المنفلت من أسر المكان.

أنظر حولي باحثا عن ملء عيني منك فلا يطالعني غير تذكارات اللحظات التي كانت كحياة حلم أتلف تفاصيله تلألؤ النجوم العابرة في عجالة إلى يوم جديد.

هنا، على هذا البساط بقايا من ظلك. وعلى تلك الشرفة أستعيدك ربانا يحاور المدى ويغازل منارا ليهديه أسرار عبور لرحلة لم تزل بعد خيالا. وفي هذا الركن حيث كنت أبحث عن بقايا أصداء ضحكاتك. وعلى مسار المشاوير الطويلة في قلب المدينة، يتناهى إلي وقع خطاك، فاتحسس ذراعي متلمسا دفء كفيك.

ياااه...ا هل للزمن كل هذا الاستعجال أم نحن فقط من نسرع الخطى أكثر مما يلزم؟



في ذكرى ميلادك أقف أمام اللحظة المجمدة في ذاكرتي عن ذلك الغروب الصيفي قبل عشرين سنة. كيف أصدق؟

في ذلك التقاطع الممتد بين حياتك المليئة صخبا و السكون الشامل الذي كسرته صرخة قدومك، كنت خارج القاعة من تلك المصحة. كنت في ريعان الشباب و اوج الاندفاع. الحياة كانت كلها قبالتي، وكنت أسير صوبها بخطوي المسموع لعلي أثير فيها خوفا، فلا تجرؤ على إغضابي.

مئات المرات قطعت الممر خارج العيادة جيئة و ذهابا. دخنت بشراهة و انا احاول تخويف القادم من الزمان ليتمثل للحلم الذي لم يراودني غيره.

أمك كانت في الداخل. و صراخها كان يغطي كل الحديقة الكبيرة و يمتد للدور المجاورة.

لم يكن ذلك مهما. كان الاهم هو جنس ذلك القادم الذي كان يقرع بوابة الحياة. كنت أريده ذكرا. ما كنت لاٌقبل بغيره.

الذكر كان يعني لي أشياء كثيرة. أسطورة تبحث لها عن بطل. سواعد مفتولة تنتظر روحا تحركها. أمجادا و مفاخر تنتظر من يكتبها.

أمك كانت تخيفها رغبتي الحمقاء. و لا اشك لحظة في أن صلواتها كلها كانت تختمها بدعاء وحيد. لكن الأقدار لم تستجب، و كنت انت القادمة.

أكبد ان امك بعد وضعك قد نسيت آلام المخاض و الضعف و الوهن. وفحصتك مرات و مرات لتتأكد من انها في مأمن من الأعاصير التي كانت تتهيأ في الخارج.

حين رايتها بعد الوضع، لم تتجرا و لم تقو على النظر في عيني. ابتسمت ابتسامة فاترة و دست رأسها في عنقها إقرارا و اعذارا عن عدم قدرتها على تحقيق رغبتي.

انفعلت و غضبت، وكدت أنهج نهج القدامى فأهجر البيت احتجاجا على قدومك بدل ذكر كنت قد اخترت له اسما.

ياااه يا فدوى..ا اسأل نفسي لم الحياة متمردة على كل التصنيفات. لماذا نشعر بانها قصيرة حين ننظر إلى بنائها العمراني المشكل بالفرح، ولماذا نجدها قد طالت اكثر مما يستوجب حين نمتلك ما يكفي من الشجاعة لننظر إلى حجم الدمار الذي مارسناه و الجهل الذي امتلكنا و الذي صنع رحابا فسيحة دوننا فيها كل سيرنا الملوثة؟



وظائف الأبوة كما ورثتها لم ترسم لك حضورا داخل انشغالي. أوفر الأكل و أشتري الملابس و أضع كل شئ خلف ظهري لأغوص في بحار الحروب اليومية. احتجت إلى عقود من الزمن كي اعي ان اشرس المعارك التي تستحق أن يصرف من اجلها ما تتطلبه من جهد، هي تلك التي تجري داخل الانسان و ليس خارجه.

كنت في بداية عقدك الثاني حين قرعت بعنف بوابة عالمي المهوس بالأمجاد الزائفة و الأفكار المستعارة. نظرت إليك. هالني حجم الزمن الذي ولى. نظرت في عينيك. تهاوت داخلي أهرامات اليقين الذي لأم أجده ساعتها يقينا. بحثت عن سر تلك الجراة التي امتلكتيها. وهل كانت هي كذلك أم اني كنت في لحظة تحول اعقب انهيارا مريعا كنت فيه ابحث عن هوية جديدة.....

خارج الحكاية

لا يعشق الغرابة، لكنه يبحث بإصرار عن مكان خارج منطق كل الحكايات في محاولة للعيش بلا تفاصيل و لا جزئيات.
يبحث عن مكان خال من كل حركة، لا تعبره الريح. و لا تسطع فوقه الشمس. و لا تصله الأصوات حتى لو كانت مجسدة في تغريدة طائر حزين.
كل شئ يجده قد تخلى عن ثباته. و الحكايات نفسها ما عاد يجدها كجرد بساط يؤثثه الزمن و الكلام و الحركات لرسم تنافر او تقاطع. و المساحات هي الأخرى صارت تبدو متواطئة و فاقدة لحيادها فيما يخصه هو.
ينظر لكل ما حوله بريبة. و الحكايات نفسها يحدها ككل الآدميين الأشرار. تتآمر. و تنعم بالسكون لتعد له أثناءه ما يكفي من الصدمات، و ترسم له مسالك تدفع به صوبها لتأزمه اكثر من خلال مفاجأته بمواقف صعبة. و تقلص من مساحاته الخلفية التي يحتاجها عادة من اجل التقاط انفاسه.
ينظر حواليه. يرى ان كل شئ يضيق ويزداد تقلصا لدرجة يشعر معها بالاختناق، فلا يتبقى امامه سوى بواطنه و أغواره الدفينة.يسأل نفسه: كيف يمكن أن يعيش خارج التفاصيل التي تجعل ما يحياه يصنف على انه حكاية

مسار

أنهى الطبيب عملية إنعاش لمصاب كان قد قضى اياما عدة في مستودع الاموات. وحين فتح الريض عينيه، قال له الطبيب: انا اشهد انك معجزة.
راق الوصف للمريض. وفي اول يوم لمغادرته المستشفى، اقتحم محكمة و قال لقاضيها: أنت يسندك تكييفك لما حفظته في المدارس مع ما صارت عليه احوال الناس. و انا يسندني ما لا يقع عليه بصرك و ما لاتدركه بصيرتك. و لذلك فقد اتيتك بميزان جديد يعوض ميزانك الصدئ.
رفع القاضي السماعة ليجد الرجل نفسه فس السجن في اليوم ذاته.

ديمقراطية

قال القاضي للعجوز: لا يمكن التغاضي إلى ما لا نهاية عن امرك. أنت امام خيارين. إما أن تبيعي شياهك ما دمت غير قادرة على تدبر امرها. و إما عليك ان تبحثي عن راع لها ما دام سنك لا يسمح بذلك.
قالت العجوز: بأي شئ سأعيش إن تخليت عن شياهي؟.. أما الرعاة يا سيدي، فربما أنت لا تعرف أن الانتخابات قد جذبتهم إليها، و لذلك صاروا كلهم مستشارين و ممثلين للامة

البياض القاتم

حين لم يتبق غير القليل من المترشحين داخل القاعة، تمطى المراقب مستشعرا أن الجزء الصعب من مسؤوليته كمشرف على نزاهة الامتحان قد انقضى. وهو ما لطف من مزاجه وخفف من الحدة ودقة المتابعة لكل حركة داخل القاعة. و لكونه يشعر بالارتياح، فقد راح يستعرض من تبقى في الداخل، بشكل كان يقف فيه حينا عند الصورة البادية للعين. و اخرى كان يتجاوز فيها ذلك، ليطل على المساحات الخلفية للمترشحين الحابلة بالاحلام و الانتظارات.
لستوقف المراقب منظر رجل تجسدت فيه كل سمات الغرابة. فهو يخطو بثبات نحو نهاية عقده السادس. رأسه اجتاحه الشيب الذي رسب متجاوبا عجيبا مع بشرته السوداء. يرتدي بذلة رمادية مكتملة تغطي كل جسده، و تحتفظ المساحات تحت الطيات بذاكرة الكسوة التي تفيد انها كانت يوما ما زرقاء داكنة. وعلى عكس كل المترشحين، فقد وضع الرجل على منضدة طاولته كل الادوات التي يستعملها عامل كهربائي، ابتداء من القفازات البرتقالية، إلى لاصقات الأرجل المسننة التي تسمح بتسلق الاعمدة الكهربائية الخشبية. غير ان الاكثر إثارة كان هو أن الرجل لم يكتب كلمة واحدة على ورقته بما في ذلك اسمه، رغم أن وقت المباراة كان قد شارف على النهاية.
هو الحسن الاكحل الذي لا يعلم احد أي ريح ساقته إلى تلك القرية الشمالية الموغرة في الهامش. وكان يمكن لقدومه ان يكون مختلفا لو تم في ظروف مغايرة، وذلك لبشرته السوداء و لكنته الغريبة المضحكة. لكن ذلك لم يحصل لأنه حل مرفقا بحادث كبير شغل جميع الناس، بسبب انتقال القرية للاستفادة من نظام كهربة جديد الذي عوض نظام تشغيل المولدات بالكازوال. وقد أدهش الناس ما كان يحكى عن تلك الطاقة الرهيبة وقرتها الهائلة في احداث الهلاك في زمن قياسي. وقد زكى ذلك ما قام به الرعاة هنا و هناك حين دفع بهم الفضول و حب الاستطلاع الىأن يتجراوا على صعود الاعمدة الكهربائية ، ولمس الأسلاك ذات الضغط العالي. و أيضا المجازر الرهيبة التي قضت على اسراب كثيرة من طيور اللقالق، أضف لذلك الرسوم الرهيبة التي كانت توضع أسفل الاعمدة مجسدة لهياكل عظمية وقد دون تحتها عبارات مخيفة جدا تنصح بعدم الاقتراب.
وسط هذا الانشغال انبعث الحسن الاكحل. و لكونه شوهد يستلق الاعمدة و يلمس الأسلاك دون ان يصيبه مكروه، فقد اعتبر انسانا خارقا للعادة. و ذهب البعض الى حد اعتباره مسندا من قبل قوى غيبية. كما تم الاعتقاد أن سواد بشرته مردها إلى تأثير ما مرتبط بحكاية تفصح عن نوع من التزاوج و الاندماج مع تلك الطاقة الرهيبة التي جعلته مجسدا للتسمية التي حملها بفخرمول الضو
في كل سنين شبابه و جزءا من كهولته، امتد سجل مفاخره الذي يثبت استثنائية الأمجاد التي كتبها. و الاعتبار الكبير الذي حظي به. فقد كان يروقه دوما أن يعمل ومحاط بالناس الذين كانوا ينظرون بنوع من القداسة لما كان يقوم به. فيتجمع الناس تحت الاعمدة. و ينادي اخرين من بعيد. و قد يستغل تواجده في الاعالي ليطل على بيت مكشوف الفناء، ليخاطب امراة ما و يطالبها بتزويد الوجبة التي تعد من اجل استضافته. غير أنه هذا البساط لم يكن ذهبيا كله. فقد كانت تتخلله صفحات من الكدر بعد ان تتوتر علاقته بالاطفال الذين كانوا يكسرون الكؤوس الزجاجية التي تلف حولها الاسلاك حين كانوا يحاولون اصطياد العصافير. لكن ذلك لم ينل من أسطورته، إلى ان استدعي للامتحان الذي يجتازه الآن.
اقترب المراقب من الحسن و نظر من جديد إلى ورقته البيضاء التي قرأ فيها المصير الذي يتجه صوبه. وشعر بتعاطف غريب معه ، فخاطبه قائلا: حاول أن تكتب شيئا. يمكنك طلب المساعدة من احد المرشحين.
قال الحسن متجاهلا ما يعنيه له البياض هذه المرة : قد طلبتم منا ان نحضر. و ها قد حضرت

Saturday, October 11, 2008

موت الحكاية

وضع ما يكفي من الاوراق امامه. انبطح على الأرض، وصار يفكر في موضوع مناسب، مستعرضا ترسانة الحكايات التي فكر فيها من قبل. لكنه وجد انها لا تتجاوب مع نفسه القصير الذي يسيطر عليه منذ مدة. فالمتشردة "شامة" التي تستعيض بكشف مؤخرتها عن الكلام، لا يمكن اختصار حكايتها في بضعة كلمات. و المحارب "بوزيد" لا يصدق بل يؤكد ان الحرب العالمية متواصلة. ولذلك فهو لم يزل يحث الناس عن أخذ حيطتهم كي لا يباغتوا من قبل الحلفاء أو أعداءهم. ومن ثم فغرائبيته لا يمكن ان يحويها سوى مجلد ضخم. و المتنبي الأخير هو الآخر يسخر من قدرته على وضعه داخل أوراق و سطور معدودة. كما ان المستول الممتهن للحكي و الذي يزعم انه حضر عقيقية جده، يجده اكبر من طاقة خياله او واقعيته في السرد.
عشرات القصص مترسبة في ذهنه من زمان. لكن قابليته للحكي تبدو متمنعة و رافضة للاستجابة له مصرة على الاحتفاظ بأسرارها.
لماذا لا يزعم أن المشكلة هي أكبر من ان تكون فردية. و ان الناس في علاقتهم بالحكي سواء، اكانوا هم الرواة أو المستمعين. و ان الزمن هو زمن المحسوس للمحسوس. و ان لا قيمة لشئ لا يمكن ان يكون لقمة او قبلة او ارتعاشة جسد بفعل النشوة؟ لماذا لا يزعم انه يعيش زمن موت الحكاية؟