Thursday, December 28, 2006

حكايات من الريف

موت
سمع أن المقاتل حين يصاب، عليه أن يستحضر كل شئ إلا آلام جراحه. لكنه لم يحتمل أن يرى الدماء تنزف منه. فتطلع لرفيقه متوسما شحنة معنوية تدفعه كي يصمد. فسأله قائلا: أتراني أستطيع العيش و أنا على هذا الحال؟ألقى الرفيق نظرة عليه وقال: بقاؤك حيا سيعني أن الموت قد مل من فيض الأرواح.لا يبدو أن الجريح قد سمع الجملة بكاملها.
ـــــــــــــــــــــ
عدالة
وقفت العجوز غير مصدقة كيف يمكن ان يصير الحق باطلا. وكيف يصير ماهو متوارث عن الآباء و الأجداد في ملك مدع لا تربطه به أية صلة.تحت تأثير الصدمة، ظلت العجوز واقفة وسط المحكمة. فنرها القاضي قائلا: انتهى الأمر أيتها المرأة. و إن رغبت في الاستئناف، فأوكلي محاميا عنك، أو قومي أو تدبري أنت أمرك.أجابت العجوز: أما الاستئناف فسأستأنفه في اليوم الآخر. لكني الآن أود أن أقول لك كلمة.قال القاضي: لتقوليها أمام الملأ.قالت العجوز: أم عن الجمال فقد أخذت نصيبك و أكثر. و أما عن التعلم فيبدو أنك بلغت آخر مشاويره. لكن تعوزك الدراية يا ولدي.استندت العجوز على عصاها وهمت مغاردة القاعة بخطوات مثقلة بالسنين.
ـــــــــ
دعارة
قرر المنظمون ألا حاجة لنصب الشاشة الكبيرة. و أن الجدار الغربي للمسجد يستطيع باتساعه وعلوه وبياضه أن يقوم بالمهمة. وذلك من شأنه أن يجنبهم الكثير من العناء و التعب.بعد غروب الشمس بقليل كان جل القرويون متحلقون حول الشاشة الضخمة ، يتابعون بانبهار الشريط السينمائي الذي كانت تتخلله وصلات اشهارية من كل نوع. ويصفقون لدى رؤية الزعيم وهو في رحلاته داخل الوطن وخارجه.أوشك الشريط على الانتهاء، وتبين أن البطل قد قهر كل الصعاب وتحدى كل الخطوب. ولن تعد تفصله عن حبيبته سوى مسافة قليلة، قطعتا بسرعة البرق واحتضنها وذابا في عناق حار طويل. نظر إليها بتمعن. وحين هم بتقبيلها، ارتفع صوت نسوي حاد قائلا: يا محمد، ابحث عن أختك وهيا لنعجل إلى البيت. دعارة هذه وليست سينيما.
عبد الله البقالي
ــــــــــــــ

No comments: