Thursday, October 9, 2008

الدربوكة

لم يتوقع أبدا حياة بذلك الرقي و تلك الرفعة. و لم يتكهن في الوقت نفسه ان تكون مشكلته مجسدة في أبله عديم الاهمية.انضم للوظيفة قبل عقود خلت، مبتدئا مساره فيها من أسفل السلم. لكنه بدهائه جعل منطق السلالم بلا اهمية. شغله كموظف مكلف بالشكايات جعله على دراية بكل النزاعات و المتنازعين. و ايضا بلوائح تضم شهودا من كل نوع. الحقيقيين و المزيفين. ومن ثم لم يتردد في ان يوظف خبرته الحاصلة في صنع تاريخه.خبرته المتنامية جعلته يقدم نفسه للعالم كخبير قانوني تقارع تحاليله و توقعاته كل الحجج دون ان يكون قد مر في جامعة او معهد،. بل و ان يسندها بجيش من الشهود منتشر على امتداد خارطة البلاد. و يقلب بذلك كل المعادلات و يجعل البراهين تحتاج إلى مثيل لها أمام قرائن أكثر قوة.حين أعد عرشه بشكل جيد و متين. لم يتردد الناس بأن يسموه "العمدة السري" وكان لزاما على كل من حوله بمن فيهم رؤساؤه من ان يقدموا له ولاءهم تجنبا لمكره و دهائه. وكان لزاما عليه أيضا ان يتخذ مظهرا يليق بكل هذا النجاح وتلك الحظوة.مشكلته لم يكن مصدرها رجلا عاقلا او حكيما متيقظ الضمير. كان أبلها تجمدت ذاكرة في حدود زمن بعيد جدا كان السيد العمدة فيه شابا. هوايته الوحيدة هي قرع الدربوكة ضمن جوق ألفه الأقران. هل كان ماهرا لذلك الحد الذي ترسخت فيه صورته لدى الأبله كامهر من يعزف عليها؟..تبا لها و له. و تبا لذاكرته المشؤومة.لم يعد يتحمل اجوبة الأبله التلقائية وهو يجيب بذكر اسمه حين يسأل عمن يضرب على الدربوكة. فكر في حل ناجع للمسألة. اختفى خلف الأبله وهو يحمل عصا غليظة بعد ان طلب من أحدهم أن يسأله عمن يضرب في الدربوكة. أجاب الأبله كعادته دون ان يفكر: عبد الرزاق.انقض على الأبله و اشبعه ضربا حتى سال دمه. و لكي يطمئن على النتيجة، اختفى ثانية و طلب من شخص آخر أن يسأله السؤال نفسسه. رد الأبله بنظرات نافية : عبد الرزاق؟...لا لا إنه لا يضرب في الدربوكة.استبد الغيظ و الغضب به وهو يسأل نفسه بصوت مسموع: ماذا علي ان أفعل كي أجتث اسمي من ذاكرة هذا الأبله؟ ..ما علي ان افعل؟ ماذا علي ان أفعل؟

No comments: